(وَإِنَّ فَرِيقاً مِنْهُمْ لَيَكْتُمُونَ الْحَقَّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ). أجل ، يكتمونه حتى ولو قرأوا اسم محمد (ص) في اللوح المحفوظ حرصا على الرئاسة الدنيوية ، والمصالح الشخصية .. ولا يختص العناد للحق باليهود والنصارى ، لأن السبب عام ، والباعث واحد ، وقد رأينا بعض الشيوخ ينكر فضل زميله بغيا وحسدا.
(الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ فَلا تَكُونَنَّ مِنَ الْمُمْتَرِينَ). النبي (ص) لا يشك أبدا فيما جاءه من ربه ، ومحال ان يشك ، والله سبحانه يعلم ان نبيه الأكرم لا يشك .. وانما الغرض بيان ان ما أنزل عليه (ص) غير قابل للشك والريب إطلاقا ، فإذا ما أنكره منكر ، وجحده جاحد فما ذاك إلا تعصبا وعنادا.
بيني وبين مبشر :
في ١٥ / ٧ / ١٩٦٣ زارني في بيتي مستشرق ايطالي يتقن الحديث بالعربية ، ويبشر بالمسيحية ، وجرى بيني وبينه محاورات شفاها وكتابة ، وقال لي فيما قال : ان القرآن يعترف صراحة بالإنجيل ، فلما ذا ينكره المسلمون؟.
فأجبته بأن القرآن يعترف بالإنجيل الذي بشّر بنبوة محمد (ص) ، كما نطقت الآية ٦ من الصف : (وَمُبَشِّراً بِرَسُولٍ يَأْتِي مِنْ بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ) ، والآية ١٥٧ من الاعراف : (يَجِدُونَهُ مَكْتُوباً عِنْدَهُمْ فِي التَّوْراةِ وَالْإِنْجِيلِ). ثم ان القرآن يقول : (إِنَّ مَثَلَ عِيسى عِنْدَ اللهِ كَمَثَلِ آدَمَ خَلَقَهُ مِنْ تُرابٍ ثُمَّ قالَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ). وانجيلكم يقول : ان عيسى إله ، فكيف تريدون منا أن نؤمن به ، وفي نفس الوقت نؤمن بالقرآن؟.
وإذا كان النصارى يمنعون التناقض والتهافت بحكم العقل فقط ، ويجيزونه في الدين والعقيدة فان المسلمين يرونه محالا وممتنعا في العقل وفي الدين وفي كل شيء ، لأن أصول الدين الأساسية ترتكز عندهم على العقل وحده.
ولكل وجهة الآة ١٤٨ ـ ١٥٢ :
(وَلِكُلٍّ وِجْهَةٌ هُوَ مُوَلِّيها فَاسْتَبِقُوا الْخَيْراتِ أَيْنَ ما تَكُونُوا يَأْتِ بِكُمُ