وتسأل : ان صفات الكمال والجلال كثيرة ، ومتغايرة بحسب مفاهيمها ، فكيف يصح القول بتوحيدها ، مع هذا التعدد والتغاير؟!.
الجواب : إذا قلت : هذا رجل عالم ، فهم منه وجود شيئين : صفة وموصوف ، موضوع ومحمول ، وكل منهما غير الآخر في حقيقته ، لأن الرجولة غير العلم ، والعلم غير الرجولة .. هذا بالنسبة الى المخلوق ، أما بالنسبة الى الخالق فليس إلا الوجود القدسي ، وهذا الوجود هو نفسه العلم ، وهو نفسه القدرة ، وهو نفسه الحكمة .. فلا صفة وموصوف ، ولا موضوع ومحمول ، بل شيء واحد فقط لا غير .. وهذا الوجود القدسي لا مجانس له ، ولا شبيه له ، لأنه واجب بالذات ، ولا يجب غيره إلا به.
(لا إِلهَ إِلَّا هُوَ) قيل معناه لا معبود بحق إلا هو ، ولكن المفهوم لا أحد يجمع صفات الالوهية الا هو ، وكيف كان فان المعنيين متلازمان.
(الْحَيُّ الْقَيُّومُ). إذا نسبت الحياة الى غير الله سبحانه يكون معناها النمو والحركة والاحساس والإدراك ، وإذا نسبتها اليه جل جلاله فيراد بها العلم والقدرة .. والقيوم مبالغة في القائم ، وهو في اللغة غير القاعد والنائم ، والمراد به هنا قيامه تعالى على كل موجود بخلقه وتدبيره : (قالَ رَبُّنَا الَّذِي أَعْطى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدى) ـ طه ٥٠».
(وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ فَقَدَّرَهُ تَقْدِيراً) ـ الفرقان ٢». قال الملا صدرا : (فقوله : الحي دل على كونه عالما قادرا ، وقوله : القيوم دل على كونه قائما بذاته ، مقوما لغيره ، فالوصفان متوافقان في المعنى قوة وفعلا ، متداخلان في المفهوم كلا أو بعضا). يريد ان القيمومة لا تنفك عن الحياة ، كما ان الحياة بمعنى القدرة والعلم لا تنفك عن القيمومة.
الله وسنن الطبيعة :
وتسأل : هل معنى قيام الله على تدبير الأشياء ان جميع الظواهر الطبيعية ، حتى الجزئيات منها هو الذي يتولى أمر تدبيرها مباشرة بنفسه ، ومن غير توسط أي سبب من الأسباب المادية ، كما يظهر من الآية ١٣ ـ ١٤ من سورة المؤمنون :