بها هنا كل مسكر ، والميسر القمار مأخوذ من اليسر ، وهو السهولة ، لأنه كسب بلا مشقة ، والعفو الزيادة ، والعنت المشقة ، والاعنات الحمل على المشقة.
الإعراب :
العفو مفعول لمحذوف ، أي أنفقوا العفو ، وإصلاح لهم مبتدأ ، وخير خبر ، وفإخوانكم خبر مبتدأ محذوف ، أي هم إخوانكم.
المعنى :
(يَسْئَلُونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ). سأل بعض المسلمين عن حكم الخمر والقمار ، وكان السؤال في المدينة ، أي بعد أكثر من ثلاث عشرة سنة من تاريخ الدعوة الاسلامية .. ويدل هذا على ان حكمهما كان مسكوتا عنه أمدا طويلا ، كما سكت عن حكم بعض المحرمات الى وقت البيان حسبما تقتضيه المصلحة ، وقد تستدعي الحكمة الرفق والتدريج في بيان الحكم ، وقيل : ان بيان حكم الخمر كان من هذا الباب ، لأن المسلمين كانوا قد ألفوها في الجاهلية ، فلو منعوا عنها دفعة واحدة لشق ذلك عليهم .. بل ان الله سبحانه قد ذكّر الناس بأن من جملة نعمه عليهم انهم يتخذون من النخيل والأعناب سكرا ورزقا ، حيث قال عز من قائل في الآية ٦٧ من سورة النحل : (وَمِنْ ثَمَراتِ النَّخِيلِ وَالْأَعْنابِ تَتَّخِذُونَ مِنْهُ سَكَراً وَرِزْقاً حَسَناً).
سأل بعض المسلمين عن حكم الخمر والقمار ، فأمر الله نبيه الأكرم أن يجيبهم بأن (فِيهِما إِثْمٌ كَبِيرٌ وَمَنافِعُ لِلنَّاسِ وَإِثْمُهُما أَكْبَرُ مِنْ نَفْعِهِما). وهذا الجواب بمفرده لا يدل على تحريم الخمر صراحة ، لأنه لم يقل : الخمر حرام .. ولكنه يدل عليه بالالتزام ، لقاعدة : درء المفسدة اولى من جلب المصلح لأهم مقدم على المهم ، غير انه إذا لحظنا الآية ٣٢ من الأعراف : (قُلْ إِنَّما حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَواحِشَ ما ظَهَرَ مِنْها وَما بَطَنَ وَالْإِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ) ، وعطفنا هذه الآية على الآية التي نحن بصددها ، وجمعناهما في كلام واحد تكون الدلالة على التحريم