والنصارى أن يستعملوا هذا النحو من المنطق الباطل ، فانه لا يصح نسبة مثله الى الله ورسوله ، فما هو الوجه؟.
الجواب : ان الغرض من قوله : (بَلْ مِلَّةَ إِبْراهِيمَ) هو النقض على اليهود وافحامهم ، لا اثبات الحقيقة بالذات ، ويجوز للإنسان أن ينقض على خصمه بشيء لم يكن حجة في نفسه ، بل حجة عند الخصم فقط ، أو ينقض عليه بمثل ما هو حجة عنده ، كالنقض على النصارى بآدم الذي لا أب له ، حيث قالوا : المسيح رب ، لأنه من غير أب ، فينقض عليهم بأن آدم من غير أب ، فينبغي أن يكون ربا أيضا ، مع انكم تنفون عنه الربوبية .. ويسمى هذا النوع من المنطق بالمنطق الجدلي ، ووجه النقض على اليهود والنصارى ، وافحامهم فيما نحن فيه :
ان اليهود والنصارى مختلفون دينا وعقيدة ، وكل طائفة تكفّر الأخرى ، وهم في الوقت نفسه متفقون على صحة دين ابراهيم ، وبديهة ان ابراهيم لم يكن يهوديا ولا نصرانيا ، بل كان (حنيفا ـ أي موحدا ـ وما كان من المشركين). أي لم يكن ابراهيم يهوديا ، لأنه لم يقل : عزير ابن الله ، ولا جعل لله شبيها كما زعم اليهود بأن الله شيخ أبيض الرأس واللحية ، ولم يكن نصرانيا ، لأنه لم يقل المسيح ابن الله ، لأن ذلك هو الشرك واقعا .. وما دام كل من اليهود والنصارى يعترفون بدين ابراهيم فيلزمهم أن يكونوا موحدين ، بل ويحجوا أيضا الى بيت الله الحرام ، تماما كما كان يعتقد ويفعل ابراهيم ، وكما اعتقد وفعل محمد ، مع العلم بأنهم لم يوحدوا ولم يحجوا ، فاذن هم كاذبون بنسبتهم الى دين ابراهيم ، ومحمد (ص) هو الصادق الأمين على دين الله ، وملة ابراهيم.
وبتعبير ثان ان الأخذ بالمتفق عليه ، وهو دين التوحيد الذي كان عليه ابراهيم ، وعليه الآن محمد أولى من الأخذ بالمختلف فيه ، وهو اليهودية المشبهة ، والنصرانية المثلثة.
(قُولُوا آمَنَّا بِاللهِ). الخطاب للمسلمين. (وَما أُنْزِلَ إِلَيْنا). وهو القرآن. (وَما أُنْزِلَ إِلى إِبْراهِيمَ). وهي صحف إبراهيم ، وقيل : انها عشر. (وإسماعيل وإسحاق). هما ولدا ابراهيم ، وإسماعيل أكبر من اسحق ، وأمه هاجر ، وأم اسحق سارة. ويعقوب ، ابن اسحق ، والصحف لم تنزل اليهم جميعا ، وانما