تضره معصية من عصى ، وانما منفعة الطاعة تعود الى الطائع ، ومضرة المعصية الى العاصي .. قال أمير المؤمنين علي (ع) : يا ابن آدم إذا رأيت ربك يتابع نعمه عليك ، وأنت تعصيه فاحذره.
واختصارا ان هذه الآيات تضمنت الاشارة الى عبادة الاسرائيليين للعجل ، وتوبتهم بقتل أنفسهم ، وطلبهم رؤية الله ، وهلاكهم وبعثهم ، وتظليل الغمام لهم ، وإطعامهم المنّ والسلوى .. وسنعرض قصة موسى مع الاسرائيليين في سورة المائدة ان شاء الله ، حيث حكى الله قولهم لكليمه ونجيّه : (فَاذْهَبْ أَنْتَ وَرَبُّكَ فَقاتِلا إِنَّا هاهُنا قاعِدُونَ) وانها لكلمة تعبر عن خبث اليهود ولؤمهم أدق تعبير ، وأول من اكتشف هذا اللؤم والخبث آل فرعون الذين ذبحوا الأبناء ، واستحيوا النساء.
رؤية الله :
وحيث جاء في الآية الكريمة : (حَتَّى نَرَى اللهَ جَهْرَةً) نشير الى النزاع القائم بين أهل المذاهب الاسلامية وفرقها من ان العقل : هل يجيز رؤية الله بالبصر أو يمنعها؟.
قال الأشاعرة ـ السنة ـ : ان رؤية الله بالبصر جائزة عقلا ، لأنه موجود ، وكل موجود يمكن رؤيته.
وقال الامامية والمعتزلة : لا تجوز الرؤية البصرية على الله بحال ، لا دينا ولا دنيا ، لأنه ليس بجسم ، ولا حالا في جسم ، ولا في جهة.
وبعد أن منعوا الرؤية عقلا حملوا الآيات الدالة بظاهرها على جواز الرؤية ، حملوها على الرؤية بالعقل والبصيرة ، لا بالعين والبصر ، وبحقائق الإيمان ، لا بجوارح الأبدان على حد تعبير الفيلسوف الشهير الكبير محمد بن ابراهيم الشيرازي المعروف بالملا صدرا ، وبصدر المتألهين.
ومما استدل به الملا صدرا على امتناع الرؤية قوله : «ان الاحساس بالشيء حالة وضعية للجوهر الحاس ، بالقياس الى المحسوس الوضعي ، ففرض ما لا وضع له انه محسوس ، كفرض ما لا جهة له انه في جهة».