والحساب والعقاب والثواب والجنة والنار وبكل ما ثبت في دين الاسلام وليس بيننا وبينهم نزاع ولا خلاف إلا في أمور يسيرة لا يوجب الخطأ فيها ـ إن كان ـ خروجا عن الاسلام أهمها مسألة الخلافة التي لم يبق لها اليوم أثر يذكر لكن قوما لا يروق لهم اتحاد المسلمين واتفاقهم فيعمدون إلى ما يهدم ذلك فيودعونه مؤلفاتهم ويطبعونه وينشرونه على الملأ تقليدا لغيرهم واتباعا لما غرسته العصبية العمياء في نفوسهم فحالت بينها وبين النظر إلى الأمور بعين البصيرة والانصاف واتباع الحقائق وغفلة عن أن هذه النزاعات والأقوال السيئة ما كان باعثها إلا السياسة بما أسسه علماء السوء تبعا لأهواء الظلمة من الملوك والامراء وطمعا في دنياهم وقد زال باعثها اليوم وصارت السياسة تبعث على ضدها ولو أن هؤلاء قرعوا الحجة بالحجة والدليل بالدليل وتركوا سوء القول لهان أمرهم وكان خيرا لنا ولهم ولكنهم لم يفعلوا من ذلك شيئا. ونحن ما زلنا نسعى في جمع الكلمة جهدنا وفي تأليف القلوب بكل ما في طاقتنا ووسعنا ولكن ما نصنع بهؤلاء الذين ذكرناهم إلا أن نرد غائلتهم وندفعهم عنا ونبرئ أنفسنا من افترائهم علينا بالباطل ونفند أقوالهم بالحجة والبرهان فمن ذلك كتاب أطلعنا عليه في هذه الأيام يسمى الوشيعة في نقد عقائد الشيعة ليس في اسمه مناسبة سوى مراعاة السجع تأليف رجل اسمى نفسه موسى جار الله ابن فاطمة ـ كما ذكر فيه ـ مطبوع بمصر سنة ١٣٥٥ ه ـ فوجدناه قد جرى في سبيل هؤلاء الذين أشرنا إليهم ونهج في منهاجهم وزاد عليهم بأمور خالف فيها إجماع المسلمين (١) ولم نجد في وشيعته شيئا يصح أن يسمى علما بل ليس فيها إلا دعاوى مجردة عن الدليل ودعاوى متناقضة وعبارات منمقة مزخرفة لا طائل تحتها وأمورا أكل الدهر عليها وشرب وافتراءات وفلسفات باردة وتأويلات فاسدة وسخافات وآراء كاسدة وتمحلات عن الحق حائدة وتفسيرات معوجة ومصادمات للبديهة ومخالفات لإجماع المسلمين وضرورة الدين وحمل للآيات على ما لا مساس لها به وسباب وبث سموم كل هذا مع التكرير والتطويل بلا طائل وإعادة الكلام الواحد مرارا ومرارا كما ستطلع على ذلك كله. ولقد كانت بالاعراض عنها أحق لو لا انتشارها وأضرارها فاضطرتنا الحال إلى نقضها وبيان ما فيها من الخلل والفساد. ومن العجيب أنه كتب على ظهرها : هي أول تدبير
__________________
(١) مثل توريثه ابن الابن مع الابن وغير ذلك كما ستطلع عليه.