ولقد صوروا ما رأوا فيه من ورع وتقوى وعفة يد ولسان ، وشهدوا ان «الآلاف ذهبا كانت ترد عليه فما يمسها ويحولها للحال الى وجوه الخير» بل ربما انفق ماله على تأسيس المدارس ووقفها في عصر اذل فيه الحرص اعناق الرجال .... كذلك شأن الزاهدين الأصفياء اذكياء النفوس يحقرون الاستكثار ويأنفون من التكالب على الرزق ، لأنهم لا يقيسون الفضل بذلك المقياس العجيب الذي حدثنا عنه يوما احد عمداء العلم واسماه «مقياس عدد الاصفار»!
ثم هم اطبقوا على جودة رأيه وشجاعة قلبه وثبات جنانه وتحرره من العصبية والجمود ونهوضه بما يعتقد انه حق ... كذلك شأن الروحانيين المخلصين لا يدارون في فكرتهم ولا يداجون ولا يصانعون ولا يتلمسون مجدا رخيصا قائما على تملق العامة واسترضاء الدهماء. ذلك بأنهم ادركوا سر تلك الحكمة العسجدية المنقوشة في صدر تريستان وايزولت والتي تصلح شعارا للمثاليين جميعا من كل جلدة : «ما لا يقدر عليه السحرة ، فباستطاعة القلب ان يأتي به بقوة الحب والبطولة»!
الناشر