هم اعرف بمذهبهم من كل احد وهو مع ذلك يشتط ويقول بلا خجل ولا مبالاة الاجماع قطعي ورواية النهي عن زيد وابن الحنفية عن امير المؤمنين علي بالتحريم باطلة قطعا لأنها مخالفة لما ثبت عنه بالتواتر المتقدم سواء أكانت دعوى التقية ساقطة أم قائمة فقوله الرواية ثابتة قطعا ودعوى التقية ساقطة بالضرورة فالاجماع قطعي كلها دعاو ساقطة لا برهان عليها أسرع مدعيها الى دعوى القطع ـ على عادته ـ في محل الشك أو القطع بالخلاف كما ظهر فساد قوله ان النهي زمن عمر كان بإجماع الصحابة فإنه وحده هو الناهي ، ولم ينقل عن احد غيره انه نهى بل جماعة أبوا عليه هذا النهي كما مر وفساد قوله لم يكن احد يسكت خوفا أو وهما وقوله أو وهما وهم منه ذكر مثله سابقا عند الكلام على التقية وبينا وهمه فيه وظهر انه وحده هو المتهور الذي يهرأ ويهزأ وينقل على وجه الحق ثم ينجو بالسوأة وان هذه العبارات السيئة التي اعتادها وتفاصح بها (يهرأ ويهزأ) لا احد احق بها منه.
(الثاني) زعمه ان هذا الاجماع اجماع على ثبوت النسخ والنهي من الشارع وفيه. مع ان الاجماع اصلا غير واقع فضلا عن ان يكون على ثبوت نهي الشارع ـ ان الناهي قد اسند النهي الى نفسه بقوله متعتان كانتا على عهد رسول الله (ص) انا انهي عنهما وأعاقب عليهما بطريق الحصر وتقديم الضمير المنفصل على فعل النهي الدال صريحا على انه هو الناهي لا غيره كما تقرر في علم البيان في مثل قولنا أنا فعلت كذا ولو كان المراد نهي الشارع لكان اسناد النهي الى الشارع بأن يقال نهي الشارع عنها متعينا لأنه ادخل في القبول منه ولم يكن ليسنده الى نفسه.
(الثالث) زعمه ثبوت النهي والنسخ وتحريم الأبد في شورى الصحابة وان المجلس الذي وقع تحريمها فيه كان مجلس استشارة وفيه انه لم يكن مجلس استشارة كما زعم ولكنه مجلس انذار وتهديد وانها لم تكن شورى من الصحابة وفي ذلك المجلس الذي يدعيه وانما كان تحريم وتهديد ووعيد من رجل واحد فقط وان هذه الشورى المزعومة الموهومة لم يحضرها علي ولم يكن ركنها الأعظم ولا غير الأعظم ولم يكن لها اركان ولا بناء ولم يكن إلا تحريم رجل واحد وتهديده المخالف بالعقاب على ان الاستشارة لا محل لها في الاحكام الشرعية واحكام الشرع لا تكون بالشورى وبالآراء وانما سبيلها نص الشارع : (ما آتاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَما نَهاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا)