على أن عليا كان يقول بالعول وحمله على الاستفهام يراد به الانكاري وهو قريب جدا فإن حذف أداة الاستفهام شائع في الكلام وفي التهذيب أما الخبر الذي رووه إذا سلمناه احتمل وجهين أحدهما أن يكون خرج مخرج النكير لا مخرج الاخبار كما يقول الواحد منا إذا أحسن إلى غيره فقابله ذلك بالاساءة وبالذم على فعله فيقول قد صار حسني قبيحا وليس يريد بذلك الخبر عن ذلك على الحقيقة وإنما يريد به الانكار والوجه الآخر أن يكون أمير المؤمنين قال ذلك لأنه كان قد تقرر ذلك من مذهب المتقدم عليه فلم يمكنه المظاهرة بخلافه كما لم يمكنه المظاهرة بكثير من مذاهبه حتى قال لقضاته وقد سألوه بم نحكم يا أمير المؤمنين فقال أقضوا كما كنتم تقضون حتى يكون للناس جماعة أو أموت كما مات أصحابي وقد روى هذا الوجه المخالفون لنا روى أبو طالب الأنباري : حدثني الحسن بن محمد بن أيوب الجوزجاني حدثنا عثمان ابن أبي شيبة حدثنا يحيى بن أبي بكر عن شعبة عن سماك عن عبيدة السلماني قال كان علي على المنبر فقام إليه رجل فقال يا أمير المؤمنين رجل مات وترك ابنتيه وأبويه وزوجة فقال علي صار ثمن المرأة تسعا قال سماك قلت لعبيدة وكيف ذاك قال ان عمر بن الخطاب وقعت في أمارته هذه الفريضة فلم يدر ما يصنع وقال للبنتين الثلثان وللأبوين السدسان وللزوجة الثمن فكان هذا الثمن باقيا بعد الأبوين والبنتين فقال له أصحاب محمد أعط هؤلاء فريضتهم للأبوين السدسان وللزوجة الثمن وللبنتين ما يبقى فقال فأين فريضتهما الثلثان فقال له علي بن أبي طالب لهما ما يبقى فأبي ذلك عليه عمر وابن مسعود فقال علي على ما رأى عمر ، قال عبيدة وأخبرني جماعة من أصحاب علي بعد ذلك في مثلها أنه أعطى الزوج الربع مع الابنتين والأبوين السدسين والباقي رد على البنتين وذلك هو الحق وان أباه قومنا ا ه فظهر أن قوله هذا عول صريح ادعاء غير صحيح وأن وجه التقية فيه ظاهر على مقتضى هذه الرواية وان كان الجواب على منبر الكوفة فالكوفة هي التي لم يمكنه فيها عزل شريح القاضي ولا ابطال الجماعة في نافلة شهر رمضان وكونه إماما يقاتل في التنزيل والتأويل لا يمنع أن لا يوافقه على جملة مما يراه إلا القليل وانظر قول عبيدة ذلك هو الحق وإن أباه قومنا.