واما قوله ويكذب كذبا من يدعي انه يظهر من ذلك ما يشاء ويكتم منه ما يشاء فليس احد احق بالكذب والافتراء منه في هذا القول. فلا يكتم الا ما يخاف من اظهاره يكتمه عمن يعلم انه لا يقبله او يخاف شره على نفسه ولا يكتمه عمن يقبله من اصحابه واتباعه.
واذا اراد الباقر ان يرد قول الحسن البصري بما ذكره فما اتى الا بواضح البرهان وشاهد القرآن ومن هو وارث علم الأنبياء غيره وغير اهل بيته.
واذا ادعى الباقر ان اكثر المعارف والشرائع لا يوجد الا عنده فحق له ذلك فهو باقر علوم جده الرسول ومفتاح باب مدينة العلم وامام من امرنا بان نتعلم منهم ولا نعلمهم. وابن من قال سلوني قبل ان تفقدوني. وابن من قال لو ثنيت لي الوسادة. وابن من قيل فيه لو لا علي. قضية ولا ابو حسن لها فقد ورث علوم اجداده خلفا عن سلف فهذا الثمر من ذلك الشجر وهذا السيل من ذلك المطر شاء موسى جار الله واضرابه او ابوا.
واذا كانت التقية والكتمان لعلمه ممن يخاف شرهم ولا يأمن ضرهم من دينه ودأبه فما فعل الا ما اوجبه العقل والدين والشرع وما امر به الله ورسوله فزعم موسى جار الله انه موضوع لم يضعه الا جاهل جهل.
وتعليله ذلك بان مؤمن آل فرعون لم يكتم العلم وانما كتم ايمانه وبث علمه تعليل فاسد فهل كان حبيب النجار يظهر انه على دين قوم فرعون فان لم يكن يظهر ذلك لم يكن قد كتم ايمانه واذا كان يعلم ان فرعون وكل بني آدم لا يستحق واحد منهم ان يكون إله وان ما عليه فرعون وقومه باطل وكتم ذلك واظهر خلافه أفليس يكون قد كتم علما واظهر باطلا وهل يصح ان يقال في حقه انه لم يكتم العلم واما انه بث علمه بما حكته آيات سورة غافر فانما يكون ردا على من يقول انه لا يجوز لاحد كتم شيء من علمه خوفا ان يظهر غيره ولو كان لا يخاف من اظهاره او ان من كتم علما خوفا ثم أمن لا يجوز له اظهاره بعد الأمن فمؤمن آل فرعون صرح القرآن الكريم انه كان يكتم ايمانه وكتمان الايمان يلزمه كتمان العلم ثم صرح القرآن بانه اظهر شيئا من علمه بقوله : (أَتَقْتُلُونَ رَجُلاً أَنْ يَقُولَ رَبِّيَ اللهُ وَقَدْ جاءَكُمْ بِالْبَيِّناتِ مِنْ رَبِّكُمْ وَإِنْ يَكُ كاذِباً فَعَلَيْهِ كَذِبُهُ وَإِنْ يَكُ صادِقاً يُصِبْكُمْ بَعْضُ الَّذِي يَعِدُكُمْ إِنَّ اللهَ لا يَهْدِي مَنْ هُوَ مُسْرِفٌ