ومن غير الشاعر أن
ينظم الأشعار فلا يكون من التحدي في شيء .. وقد تحدى محمد (ص) المعاندين بما من
شأنه أن بكون مقدورا لهم ، وهو الكلام ، فعجزوا عنه ، وعجزهم هذا أضفى على القرآن
صفة المعجزة.
وتسأل : ينبغي أن
يكون معجزة بالنسبة الى البليغ في اللغة العربية ، لا بالنسبة الى الجاهل بها ، أو
الضعيف من أهلها؟.
والجواب : ان
القرآن معجزة بما هو كلام الله ، بصرف النظر عن العربي البليغ وغيره ، وانما نعرف
المعجزة ، ونكتشفها من عجز العربي البليغ ، تماما كما نكتشف من عجز بطل السباحة
العالمي في البحر الهائج عجز سواه ، مع التقدير بأنه الأول في بطولة السباحة ..
وبتعبيرنا نحن الفقهاء ان عجز العربي البليغ سبب للمعرفة بمعجزة القرآن ، وليس
جزءا ولا شرطا لها.
هل لمحمد معجزة
غير القرآن؟
يرى البعض ان لا
معجزة لمحمد (ص) الا القرآن ، أما أنا فمع الذين يؤمنون بأن معجزاته لا يبلغها
الإحصاء ، لأن الحكمة الإلهية تستدعي تنوع المعجزة واختلافها باختلاف الموارد
والأشخاص ، كما استدعت حكمته سبحانه أن يباهل نبيه نصارى نجران .. هذا إذا كان
طالب المعجزة يبتغيها بصدق ، أما الكاذب المتعنت الذي لا يجدي معه شيء فيقتصر
الأمر معه على القرآن ، لأن اعجازه مبدأ عام لا يختص بعصر دون عصر ، ولا بفئة دون
فئة ، أو بفرد دون فرد .. وقد تستدعي الحكمة ان لا تعرض المعجزة على الشخص إطلاقا
، كما لو اكتفى بمجرد شعوره وإحساسه ، أو بيمين النبي ، فقد جاء في الأخبار ان
رجلا قال لمحمد (ص) : ما لي وللمعجزات؟ .. احلف بالله انك رسول الله ، وأنا أومن
بك. فقال الرسول : والله اني رسول الله. فقال الرجل : اشهد ان لا إله الا الله ،
وان محمدا رسول الله.
والذي يدلنا على
ان آفاق محمد (ص) ومعجزاته أعظم من أن يبلغها الإحصاء ان رجل الدين فيما مضى كان
يستدل على نبوة محمد (ص) بما جاءت به الأخبار من تكلم الحصى له ، وسعي الشجرة اليه
، ونبع الماء من بين أصابعه ، وكان