والحاكمون ، والشيعة والتشيع ، وفضائل الإمام علي ، وغيرها .. وشاء الله لهذه ما شاءه لتلك ، فدفعت بي مشيئته تعالى ، وكمال توفيقه الى تأليف موسوعة فقه الإمام جعفر الصادق في ستة أجزاء كبار ، ونفس الشيء حصل لهذه الموسوعة ، فتولاها جلت حكمته بعنايته ، تماما كما تولى أخواتها من قبل .. وأيضا نفس الشيء حصل لي ، حيث أغراني نجاح الموسوعة بما هو أضخم وأعظم ، وأعني به تفسير القرآن الكريم الذي أسميته «التفسير الكاشف».
وقد تم منه بحول الله وقوته ، وتوفيقه وفضله هذا الجزء الذي اقدم له ، وفيه تفسير سورتي الحمد والبقرة بكاملهما .. ولا أدري : هل تمتد بي الحياة الى النهاية ، وأرى نتاج ما ضحيت وقاسيت ، أو ان الأقدار قد تتصرف عكس ما رسمت وأردت؟. وإذا تم «التفسير الكاشف» كما أريد ، فهل يكتب له من الرواج ما كتب لغيره مما ألفت ونشرت؟ وفي حال تمامه ورواجه ، هل يثمر كتابا يأتي من بعده ، كما جاء هو نتاجا لموسوعة الفقه؟
أسئلة لا يعلم أجوبتها الا صاحب الكلمة الأولى ، والارادة العليا : «وما تدري نفس ما ذا تكسب غدا ، وما تدري نفس بأي أرض تموت». وإيماني بهذه الحقيقة لا يمنعني أبدا من التصميم والمضي في الجهد والعمل الدائب .. لأني أومن أيضا بأن لعزمي الجاد أثره البالغ في تحقق ما أريد .. وهذا الايمان يدفع بي الي بذل المزيد من الجهد خوفا من فوات الفرصة .. ومن أجل هذا أظل أكتب وأكتب ، وأحلم بالتمام والنجاح ، حتى الموت ؛ فهو وحده الذي يحد من نشاطي ، فأنا دائما أبذل الجهد ، ما دام الموت بعيدا عني.
وأغلى أمنية على قلبي أن يفاجئني الأجل ، وأنا أكتب داعيا الى الله والحق والعدل .. بل أسمى الرغائب لدي ان أدخل الجنة لاقرأ فيها وأكتب خالي البال ، متحررا من الأشغال ، وهموم العيال .. وكم مر بخيالي هذا السؤال ـ جاء السجع من غير قصد ـ : إذا أنعم الله بالجنة فهل أكون فيها بطالا؟ وهل يتسنى لي أن أقرأ فيها وأكتب؟ وأجيب نفسي : أجل ، ان فيها ما تلذ الأعين ، وتشتهي الأنفس ، حتى ولو اشتهت القراءة والكتابة .. ويعود السؤال ، ولكن بصيغة ثانية : ولمن أكتب؟ وأهل الجنة كلهم على غاية الكمال ..
ومعذرة من هذا الاسترسال مع القلم ، وعلى الأصح مع ذاتي في التعبير عن نفسها .. وهل أنا الا مجرد انسان يصعب عليه أن يتحرر من ذاته وينفصل عنها؟