والأذى شرط لحصول الأجر والثواب على البذل والإنفاق ، وان عدم الصدقة ، مع قول معروف خير منها مع المن والأذى ، وان من يبذل بلا من وأذى يضاعف له الأجر والثواب بلا حد وحساب ، وضرب لذلك مثلا بحبة عادت على الزارع ب ٧٠٠ ضعف .. بعد أن بيّن هذا كله ضرب في هذه الآية مثلا لأصحاب المن والأذى بالمنافق المرائي الذي ينفق ماله طلبا لثناء الناس وحمدهم ، لا ابتغاء مرضاة الله وثوابه.
وقوله تعالى : (وَلا يُؤْمِنُ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ) المراد به أن عمل المرائي ، وعمل الكافر سواء ، لأن كلا منهما لم يبتغ وجه الله ، ومن هنا تواتر الحديث في ان الرياء شرك خفي.
(فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ صَفْوانٍ عَلَيْهِ تُرابٌ فَأَصابَهُ وابِلٌ فَتَرَكَهُ صَلْداً لا يَقْدِرُونَ عَلى شَيْءٍ مِمَّا كَسَبُوا). الضمير في مثله يعود الى المرائي .. لقد شبه الله أولا المانّ المؤذي بالمنافق المرائي ، ثم شبه هذا بصفوان عليه تراب ، وبديهة ان شبيه الشبيه شبيه ، كصديق الصديق ، وعليه يكون كل من المانّ المؤذي والمنافق المرائي كالصفوان ، أي الحجر الصلب الأملس ، يغطيه تراب خفيف يحجب صلابته ، فأصابه مطر غزير ذهب بالتراب .. وهكذا صدقة المؤذي والمرائي ، تماما كالتراب على الحجر الأملس ، والأذى والرياء كالمطر الذي ذهب بالتراب .. وقوله تعالى :(لا يَقْدِرُونَ عَلى شَيْءٍ) معناه كما انه لا أحد من الخلق يقدر على رد ذلك التراب الذي اجتاحته السيول كذلك لا يقدر المراءون والمؤذون على رد صدقاتهم .. والغرض انهم لا ينتفعون بها في الدنيا ، لأنها ذهبت من أيديهم ، ولا في الآخرة ، حيث أفسدها الأذى والرياء.
(وَاللهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكافِرِينَ). المراد بالهداية هنا ثواب الآخرة بقرينة السياق ، لأن الكلام في ثواب الله ، والمراد بالكافرين من عمل لغير وجه الله ، فلقد جاء في الحديث الشريف : «إذا كان يوم القيامة نادى مناد : أين الذين كانوا يعبدون الناس؟ قوموا خذوا أجوركم ممن عملتم له ، فاني لا أقبل عملا خالطه شيء من الدنيا وأهلها».
(وَمَثَلُ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوالَهُمُ ابْتِغاءَ مَرْضاتِ اللهِ وَتَثْبِيتاً مِنْ أَنْفُسِهِمْ كَمَثَلِ جَنَّةٍ بِرَبْوَةٍ أَصابَها وابِلٌ فَآتَتْ أُكُلَها ضِعْفَيْنِ فَإِنْ لَمْ يُصِبْها وابِلٌ فَطَلٌّ). بعد أن ضرب