النحاة حجة على القرآن .. أجل ، في الغالب يكون صاحب الحال معرفة ، وأنّى في موضع نصب على الحال ، وصاحب الحال لفظ الجلالة ، وكم في محل نصب على الظرفية بلبثت ، أي كم مدة لبثت ، وكيف في موضع نصب على الحال من الضمير المستتر في ننشز ، كما قال صاحب مجمع البيان ، وقال صاحب البحر المحيط : انها بدل من العظام.
المعنى :
كانت الآية السابقة مثالا للكافر الذي اتخذ الطاغوت وليا ، وخرج من النور الى الظلمات ، وهذه الآية مثال للمؤمن الذي اتخذ الله وليا ، وخرج من الظلمات الى النور.
(أَوْ كَالَّذِي مَرَّ عَلى قَرْيَةٍ وَهِيَ خاوِيَةٌ عَلى عُرُوشِها قالَ أَنَّى يُحْيِي هذِهِ اللهُ بَعْدَ مَوْتِها). لم يفصح الله سبحانه عن اسم القرية ، ولا عن اسم المار بها ، ومن هنا اختلف المفسرون : هل كان كافرا ، أو نبيا أو صدّيقا؟. وإذا لم يكن كافرا فهل هو عزير أو ارمياء أو الخضر؟. وأيضا اختلفوا في القرية : هل هي بيت المقدس ، أو غيره؟. ولا دليل على التعيين ، ولا للقائلين به الا الاسرائيليات.
ومعنى خاوية خالية من السكان ، والعروش سقوف البيوت ، والمراد ان بيوت القرية منهدمة وليس فيها أحد ، والاستعظام كان لإحياء أهل القرية ، لا للقرية نفسها.
ونقول لمن زعم ان الذي مر على القرية كان كافرا ، لأنه شكك في قدرة الله ، نقول له : ليس كل من مرّت شبهة بذهنه ، وطلب لها مخرجا يكون من الكافرين ، بل العكس هو الصحيح ، فلقد طلب ابراهيم من ربه أن يريه كيف يحيي الموتى ، وهو داعية الايمان والإيقان .. هذا الى أن طلب المزيد من العلم بقدرة الله من صميم الايمان ، وبهذا يتبين خطأ من قال: ان الذي مر على القرية كان كافرا ، لا لشيء الا لأنه قال : (أَنَّى يُحْيِي هذِهِ اللهُ بَعْدَ مَوْتِها).