والمعنى ان الله نهاكم عنها من غير ضرورة لتكونوا بررة أتقياء مصلحين في الأرض غير مفسدين.
(لا يُؤاخِذُكُمُ اللهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمانِكُمْ). بعد أن نهى الله سبحانه عن الحلف بلا ضرورة بيّن ان ما يدور كثيرا على الألسن ، مثل بلى والله ، ولا والله ، ان هذا ، وما اليه ، ليس من اليمين الحقيقية في شيء ، وانما هو لغو يسبق الى اللسان من غير قصد ، ولا يترتب عليه ضرر لأحد ، ولذا لم يفرض الله له كفارة في الدنيا ، ولا يعاقب عليه في الآخرة.
(وَلكِنْ يُؤاخِذُكُمْ بِما كَسَبَتْ قُلُوبُكُمْ). لأنه جلت عظمته لا ينظر الى الصور والأقوال ، وانما ينظر الى النوايا والأفعال ، ومثله الآية ٨٨ من سورة المائدة : (لا يُؤاخِذُكُمُ اللهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمانِكُمْ وَلكِنْ يُؤاخِذُكُمْ بِما عَقَّدْتُمُ الْأَيْمانَ فَكَفَّارَتُهُ إِطْعامُ عَشَرَةِ مَساكِينَ مِنْ أَوْسَطِ ما تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ أَوْ كِسْوَتُهُمْ أَوْ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيامُ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ ذلِكَ كَفَّارَةُ أَيْمانِكُمْ إِذا حَلَفْتُمْ). فالعاقل البالغ القاصد المختار إذا حلف وخالف فعليه أن يكفر بعتق رقبة ، أو اطعام عشرة مساكين ، أو كسوتهم ، فان عجز عن ذلك صام ثلاثة ايام .. وتكلمنا عن اليمين وشروطها وأحكامها في الجزء الخامس من فقه الإمام جعفر الصادق ، باب النذر واليمين والعهد.
(لِلَّذِينَ يُؤْلُونَ مِنْ نِسائِهِمْ تَرَبُّصُ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ فَإِنْ فاؤُ فَإِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ وَإِنْ عَزَمُوا الطَّلاقَ فَإِنَّ اللهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ). الإيلاء في الشريعة أن يحلف الزوج بالله على ترك وطء زوجته ، واشترط فقهاء الإمامية لانعقاده أن تكون الزوجة مدخولا بها ، والا لم يقع الإيلاء ، وان يحلف الزوج على ترك الوطء مدة حياة الزوجة ، أو مدة تزيد على الأربعة أشهر ، لأن للزوجة حق المواقعة على الزوج مرة كل أربعة أشهر على الأقل.
وقالوا : إذا وطأ الزوج في الأربعة أشهر يكفر ، ويزول المانع ، كأن لم يكن شيء ، وان مضى أكثر من أربعة أشهر ، ولم يطأ فان صبرت ورضيت فلها ذلك ، ولا يحق لأحد أن يعترض ، وان لم تصبر رفعت أمرها الى الحاكم الشرعي ، وبعد مضي الأشهر الأربعة يجبره على الرجوع ، أو الطلاق ، فان امتنع ضيق عليه وحبسه ، حتى يختار أحد الأمرين ، ولا يحق للحاكم أن يطلق قهرا عن الزوج .. وإذا رجع كفر كفارة اليمين المتقدم ذكرها.