كانوا يجامعونهن ،
ولا يبالون بالحيض ، وان أهل الجاهلية كانوا إذا حاضت المرأة لم يؤاكلوها ، ولم
يشاربوها ، ولم يجالسوها على فراش ، ولم يساكنوها في بيت ، كفعل اليهود والمجوس.
(وَيَسْئَلُونَكَ عَنِ
الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذىً فَاعْتَزِلُوا النِّساءَ فِي الْمَحِيضِ). المحيض اسم لمكان الحيض ومحله ، والمراد به هنا الحيض من
باب اطلاق المحل على الحال ، والسؤال وقع عن مخالطة النساء في زمن الحيض ، فأمر
الله نبيه الأكرم أن يجيب السائلين بأن يعتزلوا النساء ايام الحيض ، أي لا
يجامعوهن فيه. فقد جاء في الحديث : «اصنعوا كل شيء الا الجماع». وقوله : (هُوَ أَذىً) تعليل للحكم ، والأذى في اللغة ما يكره من كل شيء ، والمراد
به هنا الضرر من حيث القذارة والنجاسة.
(وَلا تَقْرَبُوهُنَّ
حَتَّى يَطْهُرْنَ). اختلفوا في «يطهرن» هل المراد به مجرد انقطاع الدم ، فإذا
انقطع جاز الوطء ، وان لم تغتسل ، أو المراد به الاغتسال بعد انقطاع الدم ، فلا
يجوز الا بعد الانقطاع والاغتسال.
قال الإمامية :
يجوز الوطء بمجرد انقطاع الدم ، وان لم تغتسل ، لأن هذا هو المفهوم من لفظ الطهر ،
أما التطهر فهو من عمل النساء ، ويكون عقب الطهر.
وقال المالكية
والشافعية : لا يجوز الوطء الا بعد الاغتسال.
وقال الحنفية : ان
استمر الدم لعشرة ايام جاز أن يقربها قبل الاغتسال ، وان انقطع لدون العشرة فلا
يجوز الوطء ، حتى تغتسل .. وعلق صاحب تفسير المنار على هذا التفصيل بقوله : «هو
تفصيل غريب».
(فَإِذا تَطَهَّرْنَ
فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللهُ). ان لفظة حيث حقيقة في المكان ، وعليه يكون المعنى فأتوهن
في القبل ، كما هو المتبادر الى الفهم. وتكلمنا عن الحيض وأحكامه مفصلا في كتاب
فقه الإمام جعفر الصادق ، وكتاب الفقه على المذاهب الخمسة.
(نِساؤُكُمْ حَرْثٌ
لَكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ). قدمنا في فقرة الاعراب ان انّى تأتي بمعنى كيف ومتى وأين
.. وقد تعددت الأقوال في تفسير الآية بتعدد معاني انّى ، فمن قائل : انها بمعنى
متى ، ويكون المراد فأتوهن في أي زمان