ولفظ الرب يطلق على السيد والمالك ، وكل من المعنيين يصح ارادته هنا ، ولكن معنى الخالق هو المتبادر من لفظ هذه الآية الكريمة.
والعالمين جمع عالم بفتح اللام ، والعالم يطلق على نوع خاص من الكائنات ، فيقال : عالم الجماد ، وعالم النبات ، وعالم الحيوان ، وعالم الإنسان ، ولا يطلق لفظ عالم على المفرد ، لأنه اسم للجمع .. والمراد بالعالمين هنا كل ما عدا الله سبحانه ، فيعم جميع الكائنات .. وقد يطلق على جميع أصناف الناس ، كقوله : (هُدىً لِلْعالَمِينَ) ـ آل عمران ٩٦» .. وإذا صح جمع العالمين بالياء نصبا وجرا فينبغي أن يصح جمعه بالواو رفعا ، فيقال : العالمون .. وقال أبو حيان الأندلسي في تفسير البحر المحيط : انه شاذ.
ومعنى رب العالمين خالق كل شيء ومدبره ، ولفظ رب بدل كل من لفظ الجلالة ، ويشعر بالعلية ، أي اني أحمد الله ، لأنه رب العالمين.
الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ:
مر الكلام عن لفظ الرحمن والرحيم في فصل البسملة.
ومن أقوال أمير المؤمنين (ع) في وصف الله جل وعز قوله : «لا يشغله غضب عن رحمة ، ولا تلهيه رحمة عن عقاب» .. والذي فهمته من هاتين الجملتين ان غضب الله على العاصين ، وعقابهم غدا ـ لا يمنعه عن رحمتهم في هذه الحياة التي يتمتعون بنعيمها ، ويتقلبون في ملذاتها ، وان رحمته غدا للمؤمنين لا تدفع عنهم البلاء والأسواء في هذه الحياة.
مالِكِ يَوْمِ الدِّينِ:
للفظ الدين معان شتى ، منها المكافأة والجزاء ، مثل كما «تدين تدان». وهذا المعنى يناسب المقام ، حيث تجازى في ذاك اليوم كل نفس بما كسبت .. وقرئ (مالِكِ يَوْمِ الدِّينِ) بالألف ، كما تقول : فلان مالك هذا البستان بمعنى الاختصاص .. وقرئ «ملك يوم الدين» بكسر اللام ، كما تقول : ملك اليونان بمعنى الحكم والسلطة ، والقراءتان متواترتان ، والأولى أكثر استعمالا.
والمعنى المنساق إلى الذهن واحد على كلتا القراءتين ، وهو ان كل شيء بيد الله وحده اليوم وغدا ، فهو رب العالمين ، ورب يوم الدين ، والغرض التخويف من المعصية ، والترغيب في الطاعة.