عليه خافية ، فالآية أشبه بقوله جل جلاله : (يا أَيُّهَا النَّبِيُّ حَرِّضِ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى الْقِتالِ إِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ عِشْرُونَ صابِرُونَ يَغْلِبُوا مِائَتَيْنِ ، وَإِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ مِائَةٌ يَغْلِبُوا أَلْفاً مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لا يَفْقَهُونَ) ـ الأنفال ٦٥».
(يَسْئَلُونَكَ عَنِ الشَّهْرِ الْحَرامِ قِتالٍ فِيهِ قُلْ قِتالٌ فِيهِ كَبِيرٌ). مر تفسير الآية في الآية ١٩٢ وما بعدها.
(وَصَدٌّ عَنْ سَبِيلِ اللهِ وَكُفْرٌ بِهِ وَالْمَسْجِدِ الْحَرامِ وَإِخْراجُ أَهْلِهِ مِنْهُ أَكْبَرُ عِنْدَ اللهِ). كان العرب يحرمون القتال في الأشهر الحرم ، وهي ذو القعدة وذو الحجة والمحرم ورجب ، وأقر النبي هذه العادة ، لأن فيها تقليلا للشر وسفك الدماء ، وقد أقر الإسلام بوجه عام كل عادة مستحسنة أو غير قبيحة كانوا عليها في الجاهلية ، ولكن العرب الذين كانوا يقدسون هذه الأشهر قد انتهكوا حرمتها ، وأعلنوا فيها الحرب على الرسول سنة ست من الهجرة ، وصدوه مع أصحابه عن زيارة بيت الله الحرام ، وفتنوا من أسلم عن دينه ، وعذبوه بشتى أنواع العذاب طوال ثلاثة عشر عاما ، كما فعلوا ببلال وصهيب وخباب وعمار بن ياسر وأبيه وامه ، حتى إذا أراد المسلمون أن يدافعوا عن أنفسهم ، أو يقتصوا من المشركين في الأشهر الحرم رفع هؤلاء عقيرتهم بالدعاية المضللة ، وأظهروا المسلمين بمظهر المعتدي على المقدسات.
فبيّن الله سبحانه ان الجرائم التي ارتكبها المشركون في حق المسلمين هي أكبر وأعظم عند الله من القتال في الشهر الحرام ، ومن أجل هذا أباح للمسلمين قتال المشركين في أي مكان وزمان يجدونهم فيه عملا بمبدإ القصاص ، والمعاملة بالمثل.
(وَالْفِتْنَةُ أَكْبَرُ مِنَ الْقَتْلِ). أي فتنة المسلمين عن دينهم بالتعذيب تارة ، ومحاولة إلقاء الشبهات في قلوبهم تارة أخرى ، هذه الفتنة أشد جرما من القتال في الشهر الحرام.
(وَلا يَزالُونَ يُقاتِلُونَكُمْ حَتَّى يَرُدُّوكُمْ عَنْ دِينِكُمْ إِنِ اسْتَطاعُوا). فالهدف للمشركين ان لا يبقى للإسلام عين ولا أثر على الكرة الأرضية ، ومن أجل هذا وحده يقاتلون المسلمين ، ويداومون على قتالهم ، فإذا كره المسلمون قتال المشركين تحقق الهدف الذي يبتغيه أعداء الدين.
ولا زالت هذه الروح الكافرة العدائية لكل ما فيه رائحة الإسلام ، لا زالت