الاعراب :
للناس متعلق بمحذوف صفة للمواقيت ، والباء في بأن تأتوا زائدة ، لأنها وقعت بعد النفي ، والمصدر المنسبك في موضع نصب خبر ليس.
المعنى :
(يَسْئَلُونَكَ عَنِ الْأَهِلَّةِ). يحتمل هذا السؤال أمرين إذا نظرنا اليه مستقلا عن جوابه : الأول أن يكون السؤال عن السبب الطبيعي لاختلاف ما يبدو أولا من دقة الهلال : ثم تمامه بدرا ، ثم يعود كما كان ، وهكذا دواليك. الاحتمال الثاني أن يكون السؤال عن الحكمة في ذلك ، لا عن السبب الطبيعي ، أما إذا نظرنا الى السؤال وجوابه معا ، وهو (قُلْ هِيَ مَواقِيتُ لِلنَّاسِ) تعين أن يكون السؤال عن الحكمة فقط ، دون السبب الطبيعي ، وهذا هو الأرجح عملا بمبدإ مطابقة الجواب للسؤال.
أما قول من قال : انهم سألوا عن السبب الطبيعي ، وان الله سبحانه أمر نبيّه أن يجيبهم ببيان الحكمة تعريضا بأن سؤالهم في غير محله ، لأنهم عاجزون عن إدراك السبب الطبيعي الذي يحتاج الى دراسة طويلة وعميقة ، ومقدمات علمية كثيرة ، وان الأجدر بهم أن يسألوا عن الحكمة والفائدة في اختلاف الاهلة ، حيث يمكنهم فهمها وهضمها ـ أما هذا القول فمجرد احتمال لا يستند إلى دليل سوى الاستحسان.
وتقول : ان الدليل موجود ، وهو قوله تعالى : (لَيْسَ الْبِرُّ بِأَنْ تَأْتُوا الْبُيُوتَ مِنْ ظُهُورِها) ، لأن معناه ان سؤالكم عن السبب الطبيعي كمن يطلب دخول البيت من ظهره ، أما سؤالكم عن الحكمة فهو كمن يطلب دخول البيت من بابه.
الجواب : أولا ان هذا اجتهاد في تأويل اللفظ ، وليس تفسيرا لظاهر اللفظ .. ثانيا لقد ثبت ان هذه الجملة نزلت في ما كان يفعله أهل الجاهلية إذا أحرموا من إتيان البيت من ظهره .. والتفصيل فيما يلي.