بالدنيا تضيق في عيني المرأة ويرتفع صوتها بالبكاء والعويل ، بل إنّها أخذت تصيح كما يصيح المجانين ثمّ خرجت إلى قصر يزيد حاسرة الرأس مذهولة وهي تصيح قائلة : يابن معاوية! رأس ابن بنت رسول الله صلى الله عليه واله منصوباً على باب داري ، واحسيناه ، وا مظلوماه ، وا قتيل أولاد الأدعياء ، والله يعزّ ذلك على رسول الله وعلى أميرالمؤمنين عليهما السلام.
فاضطرب الطاغية يزيد ولاحظ أنّ جميع قد سخطوا عليه حتّى أهله وعياله فأخذ يتظاهر بالندامة من أفعاله الضالّة ويقول : مالي ولحسين بن علي؟!
ولذا فإنّه لم يجد بدّاً من أن يغيّر طريقة تعامله مع أهل البيت عليهم السلام فقال لزوجته : اذهبي واسكنيهم في منزل أفضل من الخرابة التي هم فيها ، فأسرعت المرأة إلى العقيلة زينب عليها السلام وهي تقول : ليتني عميت ولم أراكم على هذه الحالة.
ثمّ إنّها أخذتهم إلى منزل آخر وأوصت النساء قائلة : يا نساء بني مروان ويا بنات بني سفيان لا أراكم بعد اليوم تضحكون فرحاً ، فوالله إنّ هؤلاء ليسوا بخوارج بل إنّهم ذرّية رسول الله صلى الله عليه واله وأولاد فاطمة وعلي المرتضى عليهم السلام (١).
يقول الشيخ ابن نما ، رأت السيّدة سكينة في منامها وهي بدمشق وهي بدمشق كأنّ خمسة نجب من نور قد أقبلوا وعلى كلّ نجيب شيخ ، والملائكة محدقة بهم ومعهم وصيف يمشي فمضى النجب وأقبل الوصيف إليّ وقرب منّي وقال : يا سكينة إنّ جدّك يسلّم عليك ، فقلت : وعلى رسول الله السلام أيا رسول رسول الله من أنت؟ قال : وصيف من وصائف الجنّة. فقلت : من هؤلاء المشيخة الذين جاءوا على النجب؟ قال : الأوّل آدم صفوة الله عليه والسلام ، والثاني إبراهيم خليل الله عليه السلام والثالث موسى كليم الله عليه السلام ، والرابع عيسى روح الله عليه السلام ، والخامس جدّك رسول الله صلى الله عليه واله ، فقلت : وأين هم قاصدون؟ قال : إلى أبيك الحسين عليه السلام فأقبلت أسعى في طلبه لأُعرّفه ما صنع بنا الظالمون بعده ، فبينا أنا كذلك إذ
__________________
(١) رياحين الشريعة ج ٣ ص ١٩١.