هناك ثمانية عشر طفلاً وطفلة تضوّرون من شدّة الجوع والعطش وكلّهم يطلب الغوث والمساعدة من العقيلة زينب عليها السلام.
وفي أحد الأيّام طلب أحد الأطفال ماءً ، فأحضرت إليه إحدى الشاميات قدحاً وخاطبة العقيلة قائلة : بالله عليك إلّا ما أذنت لي أن أسقيه بيدي ، فإنّ رعاية الأيتام توجب قضاء الحوائج وحصول المرام.
فتساءلت منها العقيلة وقالت : ما هي حاجتك؟
قالت : إنّني من خدمة الصدّيقة الزهراء عليها السلام ، وقد سكنت هذه البلاد ، ومنذ أمد بعيد ليس لي خبر من أهل البيت عليهم السلام ، فكم إنّني مشتاقة لرؤيا سادتي وموالي : زينب بنت علي والحسين بن علي ، فلعلّ الله ببركة دعاء هذا الطفل يقضي حاجتي ويمنّ عليّ بخدمتهم في بقيّة أيّام حياتي؟!
ولمّا سمعت العقيلة منها هذا الكلام ضجّت بالبكاء وتأوّهت واجتذبت حسرة وقالت : يا أمة الله ، لقد قضى الله حاجتك ، ها أنا زينب بنت أميرالمؤمنين عليه السلام ، وهذا رأس الحسين عليه السلام على باب دار يزيد.
يقول البعض : عندما سمعت الشامية من العقيلة هذا الكلام أُسقط في يدها وصرخت صرخة ثمّ سقطت مغشيّاً عليها.
ولمّا أفاقت أخذت تنعى الإمام الحسين عليه السلام منادية : واحسيناه ، واسيّداه ، وا إماماه وا غريباه ، وا قتيلاً فأبكت ببكائها كلّ صديق وعدو (١).
ورد في كتاب «بحر المصائب» أيضاً أنّ امرأة جاءت عند العقيلة زينب عليها السلام وقدّمت إليها طبقاً فيه طعام إلّا أنّ عقيلة الهاشميين تصوّرت أنّه صدقة وقالت : ألا تعلمين أنّ الصدقة حرام علينا أهل البيت عليهم السلام؟! فأجابتها المرأة قائلة : والله ليس هذا بصدقة ،
__________________
(١) رياحين الشريعة للعلّامة الشيخ ذبيح الله محلاتي المتوفّى سنة ١٤٠٦ ه ج ٢ ص ١٨٧.