فداك روحي ونفسي أخبرني هل طابت جروحك ، فأنا ذاهب إلى ايران ومن ثمّ إلى تبريز ، فإذا طابت جروحك أُخبر الناس ليجمعوا الذهب ويأتوا به إلى حرمك فرحاً بذلك.
وبقي ذلك الرجل يصيح ويبكي ويخاطب السيّدة رقيّة عليها السلام بمثل هذه الكلمات فقلت في نفسي : ياليت لي مثل هذه العقيدة والإخلاص.
نقل أبو مخنف وغيره من المؤرخين : أنّ يزيد الطاغية بعد أن افتضح بجرائمه غيّر نهجه في تعامله مع أهل البيت عليهم السلام وخيّر الإمام زين العابدين عليه السلام بين البقاء في الشام والرحيل إلى مدينة جدّه رسول الله صلى الله عليه واله فقال الإمام عليه السلام : لابدّ أن أُشاور في ذلك عمّتي زينب فهي كفيلة الأيتام والأرامل ، وبعد أن خيّر الإمام السجّاد عمّته زينب بين الرحيل والبقاء قالت عليها السلام : والله لا أختار شيئاً على البقاء في مدينة جدّي رسول الله صلى الله عليه واله ، ولكن قل ليزيد أن يفرغ لنا الدار وأن لا يمنعوا أحداً من الدخول معنا لنقيم العزاء على قتلانا ، فلمّا خرجنا من كربلاء منعونا من البكاء وقادونا عنوة إلى الكوفة والشام ولم يتركونا كي نقيم العزاء على قتلانا.
وحيث إنّ يزيد خيّر الإمام السجّاد عليه السلام وتظاهر أنّه يريد لأهل البيت عليهم السلام لم يكن له بدّ من الاستجابة لطلب العقيلة عليها السلام ، وإلّا فهو يعرف أنّ هذا المجلس لن يخلو من ذكر فضائل أميرالمؤمنين وإحياء مناقب أهل البيت عليهم السلام والتسقيط من بني أُميّة قاطبة وبالتالي فإنّ الزحمات الكثيرة التي بذلها هو ووالده معاوية من أجل محو ذكر أهل البيت عليهم السلام في الشام ستذهب هدراً.
وبالفعل فقد أمر الطاغية أن تفرغ لأهل البيت عليهم السلام داراً وسيعة وأمر المنادي ينادي من أراد أن يشارك في عزاء أهل البيت عليهم السلام ويعزّي السيّدة زينب بمصابها فليأت.
وما أن انتشر الخبر ـ كما في كتاب العوالم ـ لم تبق هاشمية في الشام إلّا وشاركت في المجلس بل حتّى نساء بين أُميّة وبني مروان جئن إلى المجلس وكنّ مزيّنات بزينتهنّ