اليهود رأس الجالوت ، والذي اتّخذه يزيد طبيباً له ، فتساءل منه قائلاً ، رأس من هذا؟ فقال رأس أحد الخوارج ، قال رأس الجالوت : وما اسمه؟ قال : حسين. قال : ولماذا قتلته؟ قال : نازعني في خلافتي وأراد أن يغتصبها منّي. فقال اليهودي بعد أن عرف من هو الإمام الحسين عليه السلام : لقد كان أليق بالخلافة منك ، وأعلم يا يزيد إنّ بيني وبين نبي الله داود واسطة أربعين جدّاً ومع ذلك فإنّ اليهود يعظّموني ويتبرّكون بي ، أمّا أنتم فبالأمس قد كان نبيّكم بينكم واليوم تقتلون أولاده وتنتهكون حرمته ، ثمّ حمل سيفه وهمّ بقتل يزيد إلّا أنّ الحرس حالوا دون ذلك ، ولمّا يأس اليهودي من الظفر بقتل الطاغية انعطف على الرأس الشريف وأخذ يقبّله ويقول : لعن الله قاتليك ، وكان جدّك رسول الله صلى الله عليه واله خصمهم يوم القيامة.
سيّدي عزيز عليَّ أن تقتل ولا أُناصرك وأُستشهد بين يديك.
سيّدي أبلغ سلامي إلى جدّك رسول الله صلى الله عليه واله وأخبره عن إيماني برسالته.
وفيما هو يخاطب الرأس الشريف التفت إليه يزيد وقال : لو لم يكن لي حاجة بمعالجتك لقتلتك شرّ قتلة ، فأجابه اليهودي قائلاً : أُقسم بالله أنّني لن أُعاجلك بعد اليوم أبداً فاستشاط يزيد من كلامه غضباً وأمر الجلّاد أن يضرب عنقه (١).
يقول هلال بن معاوية : رأيت حامل رأس الإمام الحسين عليه السلام يحمل الرأس الشريف والرأس يخاطبه : فرّقت بيني وبين جسدي فرّق الله لحمك وجعلك آية للناس فاغتاظ اللعين ورفع سوطه وجعل يضرب الرأس الشريف حتّى سكت.
__________________
(١) راجع كلّ من : تذكرة الخواص ص ٢٦١ ـ ٢٦٢ ، تهذيب الكمال ج ٦ ص ٤٢٨ ، تاريخ الطبري ج ٤ ص ٢٩٣ ، سير أعلام النبلاء ج ٣ ص ٣٠٩ ، البداية والنهاية ج ٨ ص ١٩٤ ، أنساب الأشراف ج ٣ ص ٤١٦ ، الملهوف ص ٢١٤ ، مثير الأحزان ص ١٠٠ ، بحار الأنوار ج ٤٥ ص ١٣٢ ، مقتل الخوارزمي ج ٢ ص ٥٢.