ففي البدء التفت إلى قيس بن ربيع وقال : أنت قتلت الحسين بن علي عليه السلام فأجابه قائلاً : أنا لم أقتله أبداً ، ولعنة الله على قاتله.
فقال يزيد : من قتله؟ قال : مصائب.
وإذا بيزيد يلتفت إلى مصائب ويقول : أنت قتلت الحسين بن علي؟ فأجابه مثل جواب صاحبه ، ثمّ تداول الأمر كلّ يلقي باللوم على صاحبه إلى أن وصل الأمر إلى خولي الذي حار ماذا يجيب يزيد ، فالكلّ ينظر إليه شرزاً ، وفجأة اتّفق الجميع على جواب واحد وقالوا : إنّ قاتل الحسين بن علي عليه السلام هو قيس بن ربيع.
فالتفت إليه يزيد وخاطبه بكلّ خشونة وقال : أأنت قتلت الحسين؟! فقال قيس : إنّني أعرف قاتله جيّداً ولن أقول من هو إلّا بعد أن يتفضّل عليَّ الأمير بالأمان.
وبعد أن أعطاه يزيد الأمان قال : إنّ قاتل الحسين بن علي هو من جيّش الجيوش ورفع راية الحرب ضدّه ، فتساءل يزيد قائلاً : ومن هو؟ فقال قيس : أنت يايزيد فانتفض يزيد من كلامه وترك المجلس قاصداً منزله ، ولمّا دخل الدار أخذ رأس سيّد الشهداء عليه السلام وجعله في طشت من ذهب ولفّه في قطعة من القماش واحتفظ به في غرفته الخاصّة.
ثمّ إنّه أخذ يلطم على رأسه ويقول : «ما لي ولقتل الحسين» (١).
يقول الملّا حسين الكاشفي في كتابه «روضة الشهداء» إنّ الإمام زين العابدين عليه السلام لمّا طلب من يزيد أن يسلّمه قاتل أبيه ليقتصّ منه أخذ قتلة الإمام الحسين عليه السلام يتبرّؤون من قتله ويلقي كلّ منهم باللوم على صاحب إلى أن وصل الأمر إلى شمر اللعين فاتّهم يزيداً بقتل سيّد الشهداء عليه السلام (٢).
نقل عن كتاب «بحر المصائب» أنّه لمّا أُودع أهل البيت عليه السلام في خرابة الشام كان
__________________
(١) اكسير العبادات في أسرار الشهادات ج ٣ ص ٤٤٤ ـ ٤٤٥.
(٢) راجع مقتل أبي مخنف ص ٢١٨ ـ ٢٢٠.