إيلاماً على قلوب المؤمنين.
فمن كلام لهلال بن نافع الذي كان في جيش عمر بن سعد قال فيه : كنت واقفاً خلف صفوف العسكر فرأيت الإمام يتقدّم نحو الميدان بعد أن ودّع عياله وأهل بيته ، وفي ذلك الأثناء شاهدت طفلة خرجت من الخيمة ورجلاها ترجفان فأخذت تعدو خلف الإمام الحسين عليه السلام حتّى وصلت إليه وتشبّثت بأذياله وهي تقول : أبتاه انظر إليّ فإنّي عطشانة.
وما أن سمع سيّد الشهداء عليه السلام هذه الكلمات المشجية من عزيزة قلبه رقيّة عليها السلام إذا به ينقلب حاله ويجهش بالبكاء فخاطبها بدموع جارية وقال : الله يسقيك فإنّه وكيلي عليكم.
يقول هلال بن نافع : سألت من هذه الطفلة؟ وما هي علاقتها بالإمام الحسين عليه السلام؟ فقالوا لي : إنّها السيّدة رقيّة صغيرة الإمام الحسين عليه السلام (١).
عندما حمل أزلام يزيد وجلاوزته على حرم الرسول صلى الله عليه واله وأخذوا يحرقون الخيام وجدوا ما يقارب ٢٣ طفلاً كلّهم يصيحون واعطشاه ، فأخبروا عمر بن سعد بالأمر وقالوا له : إذا أردت حفظ هؤلاء الأطفال من الموت فابعث الماء لنسقيهم.
وبالفعل فقد أذن عمر بن سعد لهم أن يسقوهم الماء فجاءوا إليهم بالماء وجعلوا يسقونهم واحداً بعد الآخر.
ولمّا وصل الساقي إلى السيّدة رقيّة عليها السلام وناولها قدح الماء أخذته وهرولت نحو الميدان ، فتساءل منها الرجل وقال : إلى أين تذهبين؟ فقالت : أمضي إلى والدي لأسقيه الماء.
فأجابها اللعين : دعي عنك هذا واشربي الماء فقد قتل أباك ظمآناً.
__________________
(١) سرگذشت جانسوز حضرة رقيّه ص ٢٢ نقلاً عن الوقائع والحوادث لمحمّد باقر مليوبي ج ٣ ص ١٩٢.