بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحيمِ
الحمد لله ربّ العالمين والصلاة والسلام على الهادي البشير والسراج المنير محمّد وآله الطاهرين.
أمّا بعد ، فأنّ الذي يلاحظ صفحات التاريخ يجدها قد ضمّت بين طيّاتها للعديد من الأحداث التي لاتفيد البشرية في حياتها شيئاً. فالكثير من كتب التاريخ ملئت بمخازي الحكّام الطغاة وكيف أنّهم كانوا يحيون لياليهم في اللهو والمجون وإعاثة الفساد في البلاد الإسلامية. بل إنّ بعض مقاطع التاريخ خصّصت حول سيرة المجهولين الذين لم يكن لهم أيّة خدمة للبشرية ، وإنّما لمجرّد أنّهم كانوا من حاشية السلاطين أو من مريديهم.
ومع الأسف الشديد مقابل افراط كهذا في تسليط الأضواء على بعض الشخصيات الذين لا تستفيد البشرية من معرفتهم شيئاً نجد أنّ الكثير من عظماء التاريخ قد بخسوا حقّهم وضاعت سيرتهم المعطاءة التي كانت مركز إشعاع واستفادة للناس. وفي واقع الأمر إنّ المسؤولية في ذلك تعود إلى كتّاب التاريخ الذين خضعوا لأهوائهم واستسلموا لضغوط الحكومات التي ظلّت تدعوهم إلى طمس الحقائق المفيدة التي يمكن أن تخدم الأجيال الصاعدة عبر العصور المختلفة.
ومن الذين بخسوا حقّهم وضاعت تفاصيل سيرتهم الوضّاءة هم أبناء المعصومين الأربعة عشر عليهم السلام حيث تعمّد الكثير من مؤرخي التاريخ بإيعاز من سلاطين الجور في إقصاء الحقائق المهمّة من حياتهم عملوا جاهدين من أجل تضييع كلّ ما يرتبط بهم من قريب أو بعيد. وبالفعل فقد وفّقوا ي ذلك بحيث إنّ الباحث اليوم لا يجد من تاريخ بعضهم شيئاً يذكر سوى بعض المقتطفات البسيطة التي لا تتجاوز الأسطر القليلة. وهنا تتجلّى عظمة هذا الكتاب الذي بين يديك عزيزي القارئ حيث إنّه جمع بين طيّاته أكبر قدر يمكن تحصيله حول نجمة من نجوم أهل البيت عليهم السلام وكوكبة من أنوار قدس المعصومين عليهم السلام ألا وهي عزيزة سيّد الشهداء عليه السلام السيّدة رقيّة بنت الإمام الحسين عليه السلام التي أُيتمت على صغر سنّها وعايشت المآسي رغم نعومة أظفارها إلى أن فارقت الحياة الدنيا في خربة الشام شهيدة مظلومة.
يبقى القول إنّ هذا الكتاب بمثابة فتح الباب للبحث والتحرّي حول سيرة هذه السيّدة الجليلة التي تحدّث الطاغية على صغر سنّها وهزّت عرشه وكيانه بمظلوميتها ، فسلام الله عليها يوم ولدت ويوم عاشت سعيدة ويوم تبعث حيّة.
|
الشيخ جاسم الأديب قم المقدّسة |