بالوجدان ان كثيرا من الناس يدركهم الموت ، وهم في مقتبل العمر ، وأوج الصحة والسلامة ، وان كثيرا منهم يسرحون ويمرحون ، وهم في سن متقدمة ، وفيهم أكثر من داء .. وكم من طبيب ماهر قال لمريضه : ستموت بعد ساعات ، فعاش سنوات .. وقد يحدث العكس.
البعث :
البعث هو الأصل الثالث من أصول الإسلام بعد التوحيد والنبوة اللذين سبق الكلام عنهما ، وقد أخبر الله بالمعاد في قوله : (ثُمَّ يُحْيِيكُمْ ثُمَّ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ) .. واستدل أو قرّب سبحانه إمكان البعث وجوازه في العديد من الآيات ، منها : (أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّ اللهَ الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ وَلَمْ يَعْيَ بِخَلْقِهِنَّ بِقادِرٍ عَلى أَنْ يُحْيِيَ الْمَوْتى) ـ الأحقاف ٣٣». ومنها : (يا أَيُّهَا النَّاسُ إِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِنَ الْبَعْثِ فَإِنَّا خَلَقْناكُمْ مِنْ تُرابٍ ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ ثُمَّ مِنْ عَلَقَةٍ) وما الى ذلك مما سنتعرض له من الآيات.
وليس من شك ان من خلق الشيء من لا شيء يهون عليه ان يجمع أجزاءه ثانية بعد انحلالها وتفرقها ، بل الجمع أهون وأيسر من الخلق والإيجاد .. ومن بنى قصرا يكون بناء الكوخ عليه أيسر (١).
ولي كتاب خاص في هذا الموضوع ، وهو كتاب «الآخرة والعقل» طبع أكثر من مرة ، ثم أدرج في كتاب «الإسلام والعقل».
ما في الأرض :
بعد ان ذكّر الله سبحانه الإنسان بنعمة الوجود عليه ذكّره بكثرة النعم عليه
__________________
(١) في سنة ١٩٥٩ ألف مصطفى محمود المصري كتاب الله والإنسان أنكر فيه الله والبعث ، وألفت في الرد عليه كتاب الله والعقل ، وطبع حتى الآن خمس مرات. وبتاريخ ١٠ ـ ٤ ـ ١٩٦٧ ، قرأت لمصطفى محمود مقالا في مجلة «روز اليوسف» قال فيه ما نصه بالحرف الواحد : «ان ايماني يلح علي بأني كنت موجودا قبل حياتي هذه باسم آخر ، وانني بعد موتي لن أفنى ، وإنما سأعود إلى الحياة بشكل أو بآخر ، وان الحياة مستمرة».