فلا (١) واسطة ، كما يظهر بالتأمّل .
ثم إنّ الأصحاب قد اختلفوا في الفرق بين الغَسل والمسح ، فقيل : إنّ بينهما تبايناً كلّياً في الصدق والمفهوم (١) .
وقيل : بينهما عموم وخصوص من وجه باعتبار الصدق ، وتباين بحسب المفهوم (٢) .
أمّا الأوّل فالاجتماع مع إمرار اليد والجريان اليسير ، وتحقق الغسل خاصة مع انتفاء الأوّل ، والمسح مع انتفاء الثاني .
وربما ظنّ بعض المتأخّرين الفرق باعتبار القصد (٣) ، ولعلّه نظر إلىٰ هذا الخبر ، ودفعه غير خفي بعد ما قرّرناه ، وغير بعيد أن يكون المراد في الخبر بالغَسل استئناف الماء ، وإن أمكن فيه احتمالات اُخر ذكرناه في حاشية التهذيب ، منها : إيصال بلّة الوضوء بالتقطير من غير واسطة اليد ؛ ومنها : وضع اليد ورفعها من غير إمرار ؛ ومنها : كثرة المأخوذ من البلل ؛ والفضل للأوّل ، كما أنّ القصور في المتأخّر .
والاستدلال المذكور للتباين صدقاً ومفهوماً دلالة الأخبار علىٰ اختصاص أعضاء الوضوء بالغَسل في بعض ، والمسح في آخر ، والتفصيل قاطع للشركة ، وعدم قصد الغَسل مع تحقّقه لا يخرجه عن كونه غَسلاً ، إذ الاسم يتبع الحقيقة لا النية ، وكونه ماء الوضوء لا يخرجه عن ذلك أيضاً ، وإلّا لزم من صبّ الماء علىٰ العضو ثم غَسل عضو آخر عدم الجواز ، وفي البين كلام .
__________________
(١) المعتبر ١ : ١٤٨ .
(٢) مدارك الأحكام ١ : ٢١٥ .
(٣) كالأردبيلي في مجمع الفائدة ١ : ١٠٤ .