اعتبار بقاء البلل علىٰ العضو السابق علىٰ ما هو فيه (١) .
والخبران كما ترىٰ دلّا علىٰ البطلان بجفاف الجميع كما يظهر منهما ، واحتمال شمولهما للبعض بعيد ، وعلىٰ الأوّل فلو بقي بعض بغير جفاف لم يبطل الوضوء .
واحتجّ المحقق في المعتبر علىٰ هذا القول أيضاً باتّفاق الأصحاب علىٰ أنّ الناسي للمسح يأخذ من شعر لحيته وأجفانه ، وإن لم يبق في يده نداوة (٢) ؛ وفيه نظر ، لاحتمال الاختصاص بالناسي ، أو حال الضرورة .
وفي نظري القاصر إمكان الاستدلال بالآية الشريفة ، فإنّ الامتثال يحصل بالوضوء بأيّ وجه اتّفق ، فإذا خرج جفاف الجميع بالإجماع بقي الباقي ، هذا علىٰ تقدير عدم العمل بالخبر الأوّل ، ولو عملنا به احتمل أن يستفاد من قوله عليهالسلام : « إنّ الوضوء لا يتبعّض » اشتراط بقاء جميع البلل ، إلّا أنّ المنقول عن ابن الجنيد القائل باعتبار بقاء جميع البلل أنّه قيّده بغير الضرورة ، والنص مطلق ، ولعلّ الأمر في هذا سهل .
غير أنّ الحديث قد يحتمل غير ما ذكرناه وهو أن يراد بعدم تبعّضه وجوب الموالاة ، بمعنىٰ أن يوالي بين غَسل الأعضاء ولا يؤخّر بعضها عن بعض ، والخلاف في الموالاة واقع بين الأصحاب ، فالمنقول عن الشيخ في الجمل أنّه قال : الموالاة أن يوالي بين غَسل الأعضاء ولا يؤخّر بعضها من بعض بمقدار ما يجفّ ما تقدم (٣) ، ويعبّر عن هذا بمراعاة الجفاف . وهذا
__________________
(١) نقله عنهما الشهيد في الذكرىٰ ٢ : ١٧٠ وهو في الناصريات ( الجوامع الفقهية ) : ١٨٥ ، والسرائر ١ : ١٠٣ .
(٢) المعتبر ١ : ١٥٧ .
(٣) الجمل والعقود ( الرسائل العشر ) : ١٥٩ .