وقول ابن مسكان : حدثني صاحب لي ثقة ، لا يفيد شيئاً بعد ضعف الطريق ، وعلىٰ تقدير الصحة أيضاً ؛ فإنّ الثقة إذا لم يعلم اسمه ليبحث عنه من وجود الجارح وعدمه ( لا يثبت به صحّة الحديث ، كما حرّر ) (١) في الاُصول (٢) .
فإن قلت : ما تقرّر في الاُصول لا يخلو من إشكال ؛ لأنّ توقف التوثيق علىٰ انتفاء الجرح يقتضي أن يكون توثيق أصحاب الرجال إنّما يعتبر إذا لم يعارضه الجرح المعتبر ، والحال أنّ الاستدلال علىٰ قبول توثيق الرجال هو قوله تعالىٰ ( إِن جَاءَكُمْ فَاسِقٌ ) (٣) الآية ؛ فإنّ مفهوم الشرط عدم التثبّت عند خبر العدل ، فالتوقف علىٰ انتفاء الجرح يقتضي تخصيص الدليل ، وموجبه غير معلوم .
ولو سلّم فانتفاء الجرح في الرجال لا يعلم الآن إلّا من مراجعة الكشّي ، وهو لا يخلو من تصحيف ، وضعف أسانيده أكثر من صحتها ، وغيره ليس بموجود ليعتمد عليه ، فلو وقف التعديل علىٰ انتفاء الجرح لزم عدم قبول التعديل غالباً ، والتزامه واضح الإشكال .
قلت : أمّا ما ذكرت من جهة الآية فالأمر سهل ، من حيث إمكان التخصيص ، علىٰ أنّ المفهوم من الآية قبول العدل ، والعلم به لا يتحقق إلّا مع انتفاء الجرح .
إلّا أن يقال : إنّ الفرق حاصل بين من ثبتت عدالته بقول العدل كأصحاب الرجال ، وبين من علمت بالمعاشرة .
__________________
(١) بدل ما بين القوسين في « رض » : لا يفيد قول الغير ثبوته ، كما صرّح .
(٢) انظر معالم الاُصول : ٢١٤ ـ ٢١٦ .
(٣) الحجرات : ٦ .