الخبر المحفوف بالقرائن يفيد العلم ، لكن لا مطلقاً ، بل بالقرائن التامة التي لا يحتمل الغلط والخلاف فيها عادة .
وما اعترض علىٰ ذلك من أنّ العلم إنّما حصل من القرائن كالعلم بخجَلِ الخجِل ووجَلِ الوجِل وأمثال ذلك (١) .
قيل : يدفعه أنّ [ العلم ] (٢) حصل من نفس الخبر بالوجدان لكن بضمّ هذه القرائن (٣) . وفيه نوع تأمّل ؛ لأنَّ باب الاحتمال واسع ، ودعوىٰ الوجدان غير مسلّمة ، إلّا أنّ ثمرة هذا هيّنة .
الثالثة : قال الشيخ ـ رحمهالله ـ : والقرائن أشياء كثيرة ، منها : أن يكون مطابقاً لأدلّة العقل ومقتضاه .
ولا يخفىٰ أنّ مطابقة الخبر لأدلّة العقل فيها نوع إجمال ؛ لأنّ دليل العقل علىٰ ما ذكره الشهيد في الذكرىٰ أقسام :
منها : ما لا يتوقف علىٰ الخطاب ، كردّ الوديعة وقضاء الدين ، ومنها البراءة الأصلية ، ومنها الأخذ بالأقل عند فقد الدليل علىٰ الأكثر ، ومنها أصالة بقاء ما كان وهو الاستصحاب .
ومنها : ما يتوقف العقل فيه علىٰ الخطاب ، كمقدمة الواجب المطلق ، واستلزام الأمر بالشيء النهي عن ضده ، وفحوىٰ الخطاب وهو مفهوم الموافقة ، ولحن الخطاب وهو ما استفيد من المعنىٰ ضرورة ، مثل قوله تعالىٰ : ( اضْرِب بِّعَصَاكَ الْبَحْرَ فَانفَلَقَ ) (٤) أي فضرب فانفلق ، ودليل
__________________
(١) الإحكام في اُصول الأحكام للآمدي ١ : ٢٧٨ .
(٢) في النسخ : الحكم ، والظاهر ما أثبتناه .
(٣) انظر المعتمد في اُصول الفقه ٢ : ٩٤ .
(٤) سورة الشعراء : ٦٣ .