وأصعبها وأطولها فساقتني الأقدار من طريق التركستان الغربي إلى الأقطار الاسلامية إلى التركستان الشرقي الصيني فالبامير فافغانستان وبقيت أربعة أشهر وزيادة على متون الخيول حتى وصلت إلى كابل ورأيت من كل عجائب الطبيعة وأعاجيب الأمم والأحوال ما كان ينسيني الصعوبات التي كنت ألقاها أو أتورط فيها. وأصعب عذاب لا أكاد أنساه هو أني بأيدي حرس كانت ترقبني ولا تتركني على اختياري في البحث وفي الاقامة حيث أريد ـ وهذا يدل على أنه نفي من بلاده لأمور لعلها سياسية ـ وكان الأولى به بعد ما رأى ما حل بالاسلام والمسلمين وما حل به نفسه أن لا يسعى بما يثير الفتن بينهم ويوغر الصدور وأن لا يدفن المحاسن ويجتهد في اختلاق المعايب والتعصب بالباطل قال؟ أقمت بكابل في الانتظار أربعين يوما ضيفا عند حكومتها الكريمة ثم فتح الله جل جلاله على وجهي أبواب السفر بإشارة من جلالة الملك أعلى حضرت نادر شاه فانتهزت ضرورة الاغتراب في اختيار السياحة بالبلاد الاسلامية وقد كنت سحت من قبل في الهند وجزيرة العرب ومصر وكل بلاد تركيا وكل التركستان الغربي إذ أنا طالب صغير قد فرغ من درس العلوم المعروفة في المدارس الثانوية والمدارس الدينية ودامت سياحتي في تلك المرة ستة أعوام كنت فيها في مختلف الأقطار الاسلامية إلا العراق وإلا الايران (كذا) وفي هذه المرة الأخيرة أعدت سياحتي في كل الأقطار الاسلامية التي كنت فيها من قبل. أما سياحتي في البلاد العراقية والإيرانية فقد دامت سنة وزيادة وكانت صعبة شديدة ثم قال ذهبت في نهاية سنة ١٩٢٠ م إلى بخارى بعد ما استولت عليها البلاشفة بقوة عسكرية من ابنائنا ـ وهذا يدل على أنه من بلاد تركستان الروسية ـ ثم في سنة ١٩٢٧ م زرت المدينة المنورة وأقمت بالحرم النبوي عشرين يوما ثم قال جلت في بلاد الشيعة طولا وعرضا سبعة أشهر وزيادة وكنت أمكث في كل عواصمها أياما وأسابيع وأزور معابدها ومشاهدها ومدارسها وأحضر محافلها وحفلاتها في العزاء والمآتم وحلقات الدروس وكنت أستمع ولا أتكلم بكلمة ا ه ـ وهذا يدل على أن دأبه كان التجسس وتطلب العورات ولم تكن نيته خالصة ولا كان طالبا للحق وإلا لتكلم وباحث وحقق معهم ودقق فأما أن يخصموه أو يخصمهم ولكنه كان ينظرهم بعين السخط التي لا تبدي إلا المساوئ فأخطأ نظره في كثير من الأمور التي رآها واعتقدها وخالف اعتقاده الحقيقة فيها.