ان عصمة الامام ليست بدعوى بل هي الثابتة بالبداهة والضرورة وشهادة القرآن. وذلك لما اشرنا إليه غير مرة من ان الدليل الدال على عصمة النبي هو بعينه دال على عصمة الامام فالنبي مبلغ للشريعة والامام حافظ لها بعد النبي من الزيادة والنقصان وامين عليها ومرجع للأمة في امورها الدينية والسياسية للاتفاق على ان الامامة رئاسة عامة في امور الدين والدنيا لشخص من الاشخاص نيابة عن النبي فكما يجب ان يكون النبي معصوما من الذنوب لأن صدور الذنب منه يوجب سقوط محله من القلوب وعدم الوثوق بأقواله وافعاله وذلك ينافي الغرض المقصود من ارساله. كذلك يجب ان يكون الامام معصوما لهذه العلة بعينها فانه ان لم يكن معصوما لم يكن مأمونا على الشريعة وعلى امور الأمة الدينية والدنيوية ولكان وقوع المعصية منه موجبا لسقوط محله من القلوب وعدم الوثوق باقواله وافعاله وهو ينافي الغرض المقصود من إمامته. واما شهادة القرآن بعصمة الامام فهي قوله تعالى لا ينال عهدي الظالمين والخلافة والإمامة عهد من الله تعالى اتفاقا ولو كانت باختيار الأمة لأن من اختارته الأمة يصير خليفة واجب الاطاعة بأمر الله تعالى عند القائلين بانها باختيار الأمة لقوله تعالى واولي الأمر منكم وغير المعصوم ظالم لنفسه فلا يناله هذا العهد الى غير ذلك من الأدلة المذكورة في كتب الكلام فكان عليه ان يبطلها بالدليل والبرهان لا بمجرد دعوى انها دعوى. ودعواه عصمة الأمة بالبداهة والضرورة بشهادة القرآن باطلة بالبداهة والضرورة وبشهادة القرآن. اما بطلانها بالبداهة والضرورة فيعلم مما مر. واما بطلانها بشهادة القرآن فبقوله تعالى (وَما مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِنْ ماتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلى أَعْقابِكُمْ وَمَنْ يَنْقَلِبْ عَلى عَقِبَيْهِ فَلَنْ يَضُرَّ اللهَ شَيْئاً وَسَيَجْزِي اللهُ الشَّاكِرِينَ). فهذا نص في ان الأمة بعد نبيها منها من ينقلب على عقبيه ومنها من يكون شاكرا فاين العصمة.
والآيات التي ذكرها لا ترتبط بما يحاوله من اثبات عصمة الأمة واستغنائها عن امام معصوم فان الهداية هي إراءة الطريق وقد تفضل الله بها على عباده بما وهب لهم من العقول وارسل إليهم من الرسل ولكن ذلك لا يكفي عن وجود امام له رئاسة عامة في امور الدين والدنيا يكون حافظا للشرع من الزيادة والنقصان ومنصفا للمظلوم من الظالم.