على أن يأتوا بمثل هذا القرآن لا يأتون بمثله ولو كان بعضهم لبعض ظهيرا كيف يقول فيه قائل له عقل ان أقل ما يقال فيه أنه عفطة عنز أو قلامة ظافر أو ضرطة عنز بذي الجحفة فإن كان معتزلي اعتزل دينه شبه الاسلام بذلك فقد كان أجهل الناس بالاسلام وأبعد الناس عن الإيمان وشر منه قول من جعل قول المعتزل أقل ما يقال فيه فأي شيء بقي أقل من ذلك. جيء به ترفضا وتشيعا حتى تكون أبلغ بليغ.
فإن كنت تخفي بغض حيدر خيفة |
|
فبح لأن منه بالذي أنت بائح |
فقل الآن أي شيء بعد قولك هذا أكثر ما يقال فيه. ثم عاد إلى ذلك في صفحة (ت) فانكر وعاب ما شاء.
(ونقول) لا يشك من عنده أدنى معرفة وأنصاف في أنه لو لا سيف علي بن أبى طالب لما اخضر للاسلام عود ولا قام له عمود. ويكفي شاهد واحد على ذلك ضربته يوم الخندق عمرو بن عبد ود بعد ما جبن عنه الناس جميعا وقول رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم يومئذ : برز الاسلام كله إلى الشرك كله (١) لمبارزة علي لعمر ويوم الخندق أفضل من أعمال أمتي إلى يوم القيامة (٢) اليوم نغزوهم ولا يغزوننا (٣).
أما الاستشهاد بالبيت فلا يوجب كل هذا الاستنكار والتهويل والتهجين والازباد والارعاد ووقوف مطي الأفكار وقفة طويلة أو قصيرة فالبيت جار على عادة الشعراء في مبالغاتهم وهب أن فيه سوء أدب بالنسبة إلى الاسلام فسوء الأدب يغتفر إذا علم أن فاعله لم يقصد سوءا وقد اغتفرت نسبة الهجر إلى النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم من بعض أكابر الصحابة حين طلب الدواة والكتف ليكتب لهم كتابا لن يضلوا بعده أبدا لما علم أنه لم يقصد بها سوء والبيت جيء فيه بلو لا التي هي للامتناع والنفي فلا وجه لقوله أنه قال فيه أنه عفطة عنز أو قلامة ظافر وأنه شبه الاسلام بذلك والله تعالى يقول في الكتاب العزيز. ولو لا ان ثبتناك لقد كدت تركن إليهم شيئا قليلا. ولو لا فضل الله
__________________
(١) ابن ابي الحديد في شح النهج ناسبا له الى الحديث المرفوع.
(٢) الحاكم في المستدرك.
(٣) المفيد في الارشاد وغيره. المؤلف.