ونواهيه.
وفي طيّات خطابه عليه السلام أشار إلى مسؤولية الأُمّة في اختيار القائد المناسب ولزوم إطاعتهم له فقال :
نحن حزب الله الغالبون ، وعترة رسول الله صلى الله عليه واله الأقربون ، وأهل بيته الطيّبون ، وأحد الثقلين اللذين جعلنا رسول الله صلى الله عليه واله ثاني كتاب الله تبارك وتعالى الذي تفصيل كلّ شيء ، لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه ، والمعوّل علينا في تفسيره ولا يبطينا تأويله ، بل نتّبع حقائقه ، فأطيعونا فإنّ طاعتنا مفروضة ، أن كانت بطاعة الله ورسوله مقرونة (١).
نقل المؤرّخ الشهير علي بن حسين المسعودي الذي يعتبر من المؤرخين الإسلاميين الكبار في كتابه «مروج الذهب» فقال : إنّ رجلاً من أهل الكوفة دخل على بعير له إلى دمشق في حال منصرفهم عن صفّين ، فتعلّق به رجل من دمشق فقال : هذه ناقتي أُخذت منّي بصفّين ، فارتفع أمرهما إلى معاوية ، وأقام الدمشقي خمسين رجلاً بيّنة يشهدون أنّها ناقته ، فقضى معاوية على الكوفي ، وأمره بتسليم البعير إليه ، فقال الكوفي : أصلحك الله! إنّه جمل وليس بناقة ، فقال معاوية : هذا حكم قد مضى ، ودسّ إلى الكوفي بعد تفرّقهم فأحضره وقال له : أبلغ علياً أنّي أُقاتله بمائة ألف ما فيهم من يفرّق بين الناقة والجمل (٢).
وذكر المسعودي بعد نقله لهذه القضية فقال : وقد بلغت طاعة الناس لمعاوية حدّاً بحيث أنّه صلّى بهم حين ذهابه إلى صفّين الجمعة يوم الأربعاء ولم يقل له أحد أنّ اليوم هو
__________________
(١) وسائل الشيعة ج ١٨ ص ١٤٤ ح ٤٥.
(٢) مروج الذهب ج ٣ ص ٣١ ـ ٣٢.