وبعد إجراء العمليةة تبيّن أنّها كانت فاشلة فبقوا فترة الزمن يجرون لي الفحوصات ثمّ أخبروني بأن لا أمل من شفاءك وأنّ موتك حال لا محالة ، فاعقد وصيّتك وودّع أطفالك وأهلك ، ففي أي لحظة يمكن أن تفارق الدنيا.
لذلك بعثت خلف عائلتي وبقيّة الأقرباء والأرحام وكنت مسجّاً على الفراش وقد ربطوا يدي وقدماي واستسلمت للموت. وبعد ساعات أقبل الجميع وأخبرتهم بالقضية وأخذت أُصيهم بوصاياي الأخيرة وأُودّعهم ويودّعوني وقد ضجّ الجميع بالبكاء والنحيب وارتفعت أصوات الحزن والعويل من كلّ جانب ، وأتذكّر أنّ لي طفلة صغيرة قد حضرت لوداعي فضممتها إلى صدري وأخذت أُقبّلها وأُودّعها وداع مفارق لارجعة له أبداً.
وبعد ساعة خرج الجميع بعيون باكية وقلوب مصدّعة وقد هيّأوا أنفسهم لموتى واستلام جنازتي ليقوموا بواجبات الميّت من الغسل والصلاة والدفن وما شابه ذلك.
آنذاك وبعد أن أغلقت جميع الأبواب في وجهي توجّهت إلى عزيزة الإمام الحسين عليه السلام ويتيمته السيّدة رقيّة وأخذت أتوسّل بها وأقرأ مصيبتها المشجية.
ولم تمض لحظات إذا بطفلة كأنّها القفر تقف أمام السرير وتناديني باسمي وتقول : قم يا فلان.
تعجّبت كثيراً واستولت الغرابة عليّ وقلت : يا ترى من هذه التي تعرف اسمي ولا أعرفها؟!
فقلت في نفسي : لعلّها ابنة أحد المرضى النازلين في نفس الغرفة جاءت لتسأل أحوالي ... لحظات قليلة إذا بها تقول ثانية : قم ، فقلت : لا أستطيع إنّ يداي وقدماي مربوطتان وقد منعني الأطباء من الحركة.
قالت : قم ، لماذا تقول أنّ يداك وقدماك مربوطتان؟!
نظرت إلى يدي وقدمي إذا بهما مفتوحتان ، ثمّ أنّها قالت : لماذا لا تقوم؟ قلت : لقد أجرى الأطباء لي عملية ومنعوني من الحركة.