(٥)
من الواضح لدى كلّ مَن له إلمامة واطّلاع على التأريخ الإسلامي الشيعي أنّ الشيعة تعرّضوا لجميع أنواع الاستبداد والعنف والقهر من قِبل السلاطين وحكّام الجور على طول التاريخ ، فكم مرّة ومرّة كانوا عرضة لهجوم المستبدّين ووحشيتهم حتّى تعرّض أبرز رجالهم للقتل والاستشهاد ، كما وتعرّضت الآثار العلمية لعلمائهم من كتب ورسائل وموسوعات إلى عمليات إبادة وحرق ، ومنها : المجزرة الشهيرة التي قام بها محمود الغزنوي في عام ٤٢٣ ه وحرقه للكتب ، وحادثة إحراق الكتب التي قام بها طغرل في بغداد في عصر الشيخ الطوسي ، وهكذا حادثة حسَنَك الوزير .. ومجزرة «الجزّار» الحاكم العثماني في الشام وحرقه للكتب في جنوب لبنان و... الخ.
وعلى كلّ فقد عانى الشيعة الكثير من الآلام والمآسي والاضطهاد في التأريخ ممّا أدّى إلى أمرين :
أوّلاً : عدم توفّر الفرص المناسبة لتدوين هذه الحوادث التأريخية.
ثانياً : عدم القدرة على حفظ ما تمّ تدوينه لا سيّما تلك المطالب التي لها صلة في إثبات مظلومية الشيعة ، أو عن جرم وقساوة أعدائهم من حكّام الجور. فقد أدّت الحوادث العصبية إلى ضياع أكثر هذه المدوّنات ولم يبق إلّا القليل القليل ، أو ما هو يتناول شفهياً بين رجال الشيعة من جيل إلى جيل فبقى شاخصاً في الذهنية الشيعية ولكن من دون سند بل هي مشهورات تأريخية.
ولهذا لا ينقضي العجب حينما نرى الوثائق التأريخية حول السيّدة زينب الكبرى عليها السلام مثلاً قليلة جدّاً مع جلالتها وعظمتها ودورها الكبير في ثورة الإمام الحسين عليه السلام ، بل يمكن القول : أنّ ما هو موجود عن هذه السيّدة الجليلة يُعدّ صفراً على الشمال إذا قيس مع دورها التأريخي المهمّ ، وعليه فكيف سيكون الحال مع غيرها كالسيّدة أُمّ كلثوم أو السيّدة رقيّة عليها السلام؟!
ففي ظلّ الأوضاع الصعبة كيف سيكون عمل المحقّقين الذين تصل بهم الطرق