بينما قال معاوية لجيشه : لا تتركوا النساء والأطفال من دون قتلٍ (١).
وبالمقابل فإنّ معاوية لمّا استتبّت له الأُمور أوصى جلاوزته أن يبحثوا عن أتباع الإمام علي عليه السلام ويقتلوهم تحت كلّ حجر ومدر.
ينقل أنّ السيّد محمّد صادق الطباطبائي وهو رجل معروف في ايران كان في عصر المشروطة في عهد الپهلوي نائباً لرئيس مجلس الشورى الوطنوي ، وقد سافر في عام ١٩٥٧ م إلى سوريا ، وهناك فكّر في نفسه في أن يرى قبر معاوية ، فأخذ يسأل الناس عن ذلك ولكن كلّ مَن سأله رأى عليه آثار النفور والفرار من الجواب ، فبقي يواصل البحث والسؤال إلى أن انتهى به الأمر إلى محلّ خارج المدينة فالتقى بصاحبه وعرض عليه السؤال مع مبلغ من المال ، فوافق الأخير إلّا أنّه اشترط عليه أن يدلّه من خارج المدينة وعن بعد ثمّ يتركه ويعود ماشياً ليبقى الأمر على السيّد الطباطبائي ، فوافق السيّد ومضيا معاً إلى قبر معاوية. والآن لنترك السيّد نفسه يصف الموقف حيث قال : لم تكن المسافة بعيدة كثيراً إلى أن وصلت إلى منزل خرب فدخلتُ فيه وكان وسطه باحة حقيرة وخربة وكان فيه غرفتان صغيرتان في حدود ٢٠ متراً فتقدّمت إلى أن وصلت إلى سلّم صغير من ثلاث درجات نزلت منها إلى باحة الدار الذي كان يتوسّطه حوض فيه ماء غضّ راكد تسبيح فيه بطّتين ، وفي جانب من الدار هناك امرأة عجوز طاعنة في السنّ بيدها مغزل وأمامها قليل من الصوف فلمّا رأتني قالت : ماذا تعمل هنا؟ فقلت لها : جئت لأرى قبر معاوية ، فقالت : أنت من العراق أليس كذلك؟ وذلك لأنّ أهل الشام لا يأتون هذا المكان أبداً ، فأشارت بيدها إلى إحدى الغرفتين العتيقتين فذهبت إليها وكانت بابها من الخشب ففتحتها ودخلت وكانت غرفة تبلغ مساحتها ١٢ متراً تقريباً في وسطها قبرين على أحدهما خرقة خضراء مندرسة وشمعدان فضّي قديم فوقفت عليه لحظات متظاهراً
__________________
(١) عائشة في عصر معاوية ص ١٢٠ / فارسي.