يمكن الجواب عنه بالتأمّل في المقامات ، فإنّها مختلفة ، نعم ربما يقال : إنّ الظاهر من تضعيف الشيخ خلاف ما ذكرناه .
فإن قلت : إذا تقرّر أنّ عمل المتقدمين بالأخبار من حيث القرائن ، لا من حيث الصحة الاصطلاحية ، فما وجه استثناء رواية محمد بن عيسىٰ عن يونس ونحوها من استثناء رواية محمد بن أحمد بن يحيىٰ ، عن جماعة منهم محمد بن عيسىٰ ؟
قلت : الظاهر أنّ الوجه بيان الاحتياج إلىٰ زيادة القرائن ، فإنّ الاستثناء لمّا كان موجباً للردّ احتاج تصحيح الخبر علىٰ رأي المتقدمين إلىٰ قرائن توجب الصحة ، وبدون الاستثناء وإن احتيج إلىٰ القرائن إلّا أنّها أخفّ .
وفي نظري القاصر أنّ في المقام اُموراً توجب التعجب ، فالأوّل : أنّ النجاشي قال بعد ما قدّمناه : وذكر أبو جعفر بن بابويه عن ابن الوليد ، أنّه قال : ما تفرّد به محمد بن عيسىٰ من كتب يونس وحديثه لا يعتمد عليه ، ورأيت أصحابنا ينكرون هذا القول ، ويقولون : مَنْ مثلُ أبي جعفر (١) ؟ .
وأنت خبير بأنّ ما ينفرد به الراوي لا يعمل به ؛ سواء كان محمد بن عيسىٰ أو غيره ، كما هي عادة المتقدمين ، وكلام النجاشي بعد التوثيق ـ حيث نقل ما سمعته ـ يفيد أنّه فهم القدح ، والظاهر أنّه لا يوجب ما نقله القدح ، فلا وجه لذكره إنكار الأصحاب ، بل كان الأولىٰ التنبيه علىٰ عدم القدح بما ذكر .
واحتمال أن يقال ؛ إنّ كلام النجاشي يشعر بهذا من حيث سياق الكلام ، وكأنّه في مقام التعجب من الأصحاب ؛ له وجه ، لكن الظاهر من
__________________
(١) رجال النجاشي : ٣٣٣ / ٨٩٦ .