ويخطر في البال أنّ تضعيف الشيخ لمحمد بن عيسىٰ ربما لا ينافي توثيق النجاشي ؛ لاحتمال أن يراد بالضعيف عدم قبول روايته وإن كان ثقة ، بناءً علىٰ أنّ القبول يفتقر إلىٰ أمر زائد عن التوثيق عند المتقدمين ـ كما يعلم من الشيخ وغيره ـ وحينئذ لا مانع من حكم الشيخ بالضعف وتوثيق غيره .
فإن قلت : لو اُريد بالضعف ما ذكر لنبّه عليه النجاشي ؛ إذ لا فرق بين الشيخ والنجاشي في العمل بالقرائن ، والحال أنّ توثيق النجاشي مطلق .
قلت : يحتمل أن يكون النجاشي لم يلتفت إلىٰ قول ابن الوليد ، أو لم يثبت عنده منه الضعف ، أو أنّه لا ينافي التوثيق في نفس محمد بن عيسىٰ ، ومقصود النجاشي ذكر التوثيق لذات الرجل ، أمّا قبول رواية الذي وثقه فأمر آخر ؛ وينبّه عليه أنّه يذكر في بعض الرجال أنّه صحيح الحديث (١) ، وفي الظنّ أنّ الغرض من هذا قبول روايته ، فيدلّ علىٰ أنّ التوثيق أعمّ من القبول ؛ كما أنّ صحة الحديث أعمّ من التوثيق ، فليتأمّل .
ومن هنا يظهر أنّ إطلاق جدّي ـ قدسسره ـ في الدراية : أنّ من ألفاظ الجرح « ضعيف » (٢) محلّ تأمّل .
( فإن قلت : أيّ ثمرة لقول الشيخ : إنّ محمد بن عيسىٰ ضعيف ، وقول النجاشي : إنّه ثقة ؛ مع عدم العلم بمجرد الرواية .
قلت : الثمرة الاحتياج إلىٰ زيادة القرائن علىٰ قول الشيخ ، وقلّتها علىٰ قول النجاشي ) (٣) .
__________________
(١) انظر رجال النجاشي : ٤٠ / ٨١ و ٨٢ ، ١٢١ / ٣١٠ .
(٢) الدراية : ٧٢ .
(٣) ما بين القوسين ليس في « فض » و « د » .