قوله ـ رحمهالله ـ :
وأمّا ما رواه محمد بن علي بن محبوب ، عن محمد بن الحسين ، عن علي بن حديد ، عن حماد بن عيسىٰ ، عن حريز ، عن زرارة ، عن أبي جعفر عليهالسلام قال : قلت له : راوية من ماء سقطت فيها فأرة أو جرذ أو صعوة (١) ميتة ، قال : « إذا تفسّخ فيها فلا تشرب من مائها ، ولا تتوضّأ منها ، وإن كان غير متفسّخ فاشرب منه ، وتوضّأ ، واطرح الميتة إذا أخرجتها طرية ، وكذلك الجَرّة ، وحُبّ الماء ، والقِرْبة ، وأشباه ذلك من أوعية الماء » قال : وقال أبو جعفر عليهالسلام : « إذا كان الماء أكثر من راوية لم ينجّسه شيء ؛ تفسّخ فيه أو لم يتفسّخ ؛ إلّا أن يجيء له ريح يغلب علىٰ ريح الماء » .
فهذا الخبر يمكن أن يحمل قوله : « راوية من ماء » ، إذا كان مقدارها كرّاً ، فإذا كان كذلك لا ينجّسه شيء ممّا يقع فيه ، ويكون قوله : « إذا تفسّخ فيها فلا تشرب ، ولا تتوضّأ » محمولاً علىٰ أنّه إذا تغيّر أحد أوصاف الماء ، وكذلك القول في الجَرّة وحُبّ الماء والقِربة .
وليس لأحد أن يقول : إنّ الجَرّة والحُبّ والقِربة والراوية لا يسع شيء من ذلك كرّاً من الماء .
لأنّه ليس في الخبر أنّ جَرّة واحدة ذلك حكمها بل ذكرها بالألف واللام ، وذلك يدل علىٰ العموم عند كثير من أهل اللغة ، وإذا احتمل ذلك لم يناف ما قدّمناه من الأخبار .
__________________
(١) صعوة : هي اسم طائر من صغار العصافير ، أحمر الرأس ، والجمع : صعو وصِعاء كدَلْو ودِلاء ـ مجمع البحرين ١ : ٢٦٢ ( صعا ) .