تقدم .
فإن قلت : كيف يليق من زرارة وبكير أن يسألا عن الغرفة الواحدة ، مع أنّ الحديث تضمّن أنّه عليهالسلام غسل كل عضو بكفّ من ماء ، كما سبق في الرواية إن كانت هي المرادة هنا ؟
قلت : الظاهر أنّ الرواية هي المتقدمة ، وإن اختلف السند ، ولعل السؤال منهما لدفع احتمال كون فعله عليهالسلام أحد أفراد وضوء رسول الله صلىاللهعليهوآله ، فاُريد بالسؤال عن الإجزاء دائماً ، وإن لم يدل اللفظ عليه ، لكن بمعونة ما ذكر ، وفيه نوع تأمّل ، والأمر سهل .
إذا عرفت هذا فاعلم أنّ جدّي ـ قدسسره ـ في المسالك قال : إنّ التشبيه بالدهن في كلام المحقق في الشرائع مبالغة في الاجتزاء (١) بالجريان القليل علىٰ جهة المجاز لا الحقيقة .
وقد يقال عليه : إنّ مثل هذا الخبر الدال علىٰ الاكتفاء بالغرفة ظاهر الدلالة علىٰ الاكتفاء بالدهن حقيقة ، وأدلّ منه صحيح زرارة ومحمّد بن مسلم ، عن أبي جعفر عليهالسلام قال : « إنّما الوضوء حدّ من حدود الله ، ليعلم الله من يطيعه ومن يعصيه ، وإنّ المؤمن لا ينجّسه شيء ، إنّما يكفيه مثل الدهن » (٢) .
فإن قلت : ظاهر رواية زرارة ومحمّد أنّ الذي يجزئ مثل الدهن ، لا الدهن ، والمطلوب الثاني ، فلا يتمّ الدلالة .
قلت : الظاهر أنّ الدهن المشبّه به ما كان بغير الماء من الأدهان ، والتشبيه للماء به ، ومن هنا يعلم أنّ ما أورده شيخنا ـ قدسسره ـ علىٰ جدّي ـ قدسسره ـ
__________________
(١) في المسالك ١ : ٤١ الإجزاء .
(٢) التهذيب ١ : ١٣٨ / ٣٨٧ . الوسائل ١ : ٤٨٣ أبواب الوضوء ب ٥٢ ح ١ .