نذكر هذا الوجه ، فلا يعترض علينا بما هو ظاهر .
والخبر الثاني : لا يبعد عن الأوّل في إرادة نفس العجين ، والجمع بين الخبرين بالتخيير بين البيع ممّن يستحل أكل الميتة وبين الدفن ، ويحتمل ترجيح الدفن من حيث اشتمال الرواية علىٰ النهي عن البيع .
أمّا ما قاله الشيخ رحمهالله ـ من الحمل علىٰ ضرب من الاستحباب ـ فمجمل المرام ؛ لأنّه إن أراد به أنّ البيع والدفن كلاهما مستحب علىٰ حد سواء ، ففيه : أنّ في الثانية ما يفيد نوع رجحان ، كما أشرنا إليه من النهي .
وإن أراد استحباب عدم الأكل سواء بيع أو دفن ، فالكلام لا يساعد عليه صريحاً ، ودليل الاستحباب المذكور مدخول .
أمّا الحمل الآخر : فالذي يخطر بالبال من معناه أن يراد بالخبرين الأخيرين الماء الذي تغيّر بالنجاسة ، وهذا يباع ما عُجن به لمستحل الميتة أو يدفن ، والخبران الأوّلان يراد بالماء فيهما ماء البئر إذا لم يتغيّر ؛ لأنّ تطهيره بالنزح دليل علىٰ كونه أخفّ نجاسة من المتغيّر المتوقف علىٰ نزح الجميع علىٰ اعتقاد الشيخ .
وبعد هذا التقرير في كلام الشيخ اُمور :
الأوّل : قوله ـ يراد بالخبرين تغيّر أحد أوصافه ـ شامل للبئر مع التغير ، ونزح الجميع كنزح البعض في كونه مطهِّراً من دون احتياج إلىٰ ماءٍ آخر ، فإن كان حكم ماء البئر أخفّ لكون تطهيره بالنزح فهو حاصل بالجميع .
واحتمال أن يقال : إنّ نزح جميع الماء أبلغ المطهِّرات لا أنّه أخفّ .
فيه :
أنّ نزح الجميع قد يكون بالتراوح مع غزارة الماء ، فلا يكون أبلغ إذا أزالت النار تغيّره ، إلّا أن يقال : إنّ النّار إنّما تجفّف الماء ولا
تُزيل