إذا حملناه علىٰ الأكثر دخل الأقل فيه ؛ غير صحيح ؛ لأنّ لقائل أن يقول : إنّ ذلك ضدّ الاحتياط ، لأنّه مأخوذ علىٰ الإنسان أن لا يؤدّي الصلاة إلّا بأن يتوضّأ بالماء مع وجوده ، ولا يحكم بنجاسة ماء موجود إلّا بدليل شرعي ، ولا خلاف بين أصحابنا أنّ الماء إذا نقص عن المقدار الذي ذكرناه فإنّه ينجس بما يقع فيه (١) .
وأمّا ما رجّح به من عادتهم من حيث كانوا من المدينة عليهمالسلام ؛ فليس في ذلك ترجيح ؛ لأنّهم كانوا يفتون بالمتعارف من عادة السائل وعرفه ، ولأجل ذلك اعتبرنا في أرطال الصاع تسعة أرطال بالعراقي وذلك خلاف عادتهم ، وكذلك الخبر الذي تكلّمنا عليه من اعتبارهم بستمائة رطل إنّما ذلك اعتباراً لعادة أهل مكة ، فهم عليهمالسلام كانوا يعتبرون عادة سائر البلاد حسب ما يسألون عنه .
أقول : قد عرفت ممّا قدّمناه محصّل الحجّة ومعارضها ، والشيخ ـ رحمهالله ـ قد أطال المقال في التوجيه بما يرجع حاصله :
أولاً : أنّ محمد بن مسلم طائفي ، وهو داخل في أهل مكة بالقرب ، فإذا أفتوه علىٰ عادة بلده كانت الأرطال في الرواية مكّيّة ؛ ووجه ذلك أنّه لو اُريد أرطال العراق أو أرطال المدينة خالف الإجماع ، أمّا أرطال العراق فظاهره عدم القائل بها ، وأمّا أرطال المدينة فلأنها تبلغ تسعمائة بالعراقي ، ولا قائل به أيضاً .
وأمّا ثانياً : فلأنّ معتبر أرطال المدينة ( فيما دل علىٰ الألف ومائتي
__________________
(١) في الاستبصار ١ : ١٢ زيادة : وليس هٰهُنا دلالة علىٰ أنّه إذا زاد علىٰ ما اعتبرناه فإنّه ينجس بما يقع فيه .