الشارع لها في صدر الاسلام ساقطة وكلها تكذب هذيانه بأنها من بقايا الأنكحة الجاهلية وانها كانت امرا تاريخيا لا حكما شرعيا وانه ليس بيد احد دليل بإباحتها في صدر الاسلام. والحمد لله على ما ظهر من ان ما حمد الله عليه وزعم انه هداه إليه هو دعاوي مجردة قد قامت البراهين القطعية على فسادها.
واراد ان يتحمل عذرا عن روايات ابن مسعود على عادته فقال في ص ١٢٨ ـ ١٣٠ ما حاصل مجموعه روى الامام الطحاوي في معاني الآثار عن عبد الله بن مسعود : كنا نغزو وليس لنا نساء فقلنا ألا نختصي الحديث المتقدم ، ثم قال : هذا كلام لفقته ألسنة الرواة من كلمات جرت في مجالس متفرقة على حوادث مختلفة حفظ الراوي منها جواب النبي لقائل قد قال ألا نختصي ، وقد كان جواب النبي على اسلوب حكيم يرشد المضطر الى ترك اشد الحرامين ولو بارتكاب الأخف وكلام الحكيم في امثاله لا يفيد احلال الأخف وانما يرشد الى تقليل الشر عند الاضطرار الى احد الشرين. قلت ذلك لأن ابن مسعود لم يغب في غزوة غيبة طويلة تضطره الى الاختصاء ولأن قول الصحابة ألا نختصي يدل دلالة قطعية على ان حرمة التمتع كانت معلومة مثل حرمة الزنا وإلا لما قال اجهل صحابي ألا نختصي ولأن أطول الغزوات غيبة عن المدينة مثل خيبر والفتح وتبوك كانت بعد نزول : (وَلْيَسْتَعْفِفِ الَّذِينَ لا يَجِدُونَ نِكاحاً حَتَّى يُغْنِيَهُمُ اللهُ مِنْ فَضْلِهِ) وابن مسعود كان أقوم الناس بأدب الدين وأطوعهم لأوامر الكتاب وكان يعلم ان امد الاغناء يمكن ان يمتد الى سنين فلم يمكن ان يقول صحابي له أدب خرج من بيته مجاهد في سبيل الله ألا نختصي وهو يحفظ آية فليستعفف ولم يغب عن زوجه إلا أياما أو أسابيع وهل كان ابن مسعود افقر من ان يكون له كف من بر. ثم اعاد الكلام في آية وليستعفف فكرر واطال بما يوجب الضجر والملال بدون جدوى على عادته السيئة فذكرها في ص ١٣٣ ـ ١٣٥ وفي ص ١٣٩ و ١٦٤ و ١٦٩ اكثر من تسع مرات بمضامين متقاربة ونضح إناؤه بما فيه من سوء القول فقال ما ملخصه : قوله تعالى في سورة النور : (وَأَنْكِحُوا الْأَيامى مِنْكُمْ. وَلْيَسْتَعْفِفِ الَّذِينَ لا يَجِدُونَ. وَالَّذِينَ يَبْتَغُونَ الْكِتابَ وَآتُوهُمْ مِنْ مالِ اللهِ. وَلا تُكْرِهُوا فَتَياتِكُمْ) هذه الآية الكريمة ، وحدها تكفي ان تثبت ان المتعة كانت محرمة في صدر الاسلام تحريم ابد ولو حلت لما كان لهذه الآية