أقول : حكى المصنف في تحديد أشهر الحج أربعة أقوال ، فالأول قول الشيخ في النهاية ، واختاره أحمد بن الجنيد والمصنف ، والثاني قول السيد المرتضى وابن أبي عقيل ، والثالث قول الشيخ في الجمل ، وبه قال ابن البرّاج ، والرابع قوله في الخلاف والمبسوط.
والنزاع هنا لفظي لا معنى له ، لأنه لا خلاف في وجوب إيقاع الموقفين فيما حد لهما من الزمان اختيارا أو اضطرارا ، ووجوب إيقاع الإحرام في وقت يعلم إدراك ذلك فيه ، وما زاد على ذلك من الطوافين والسعي والذبح ، فإنه يجزي في بقية ذي الحجة عند الجميع ، فالنزاع لفظي.
قال رحمهالله : ولو أحرم بحج التمتع من غير مكة لم يجزه ولو دخل مكة بإحرامه على الأشبه ، ووجب استئنافه منها. ولو تعذر ذلك ، قيل : يجزيه ، والوجه أنه يستأنفه حيث أمكن ، ولو بعرفة إن لم يتعمد ذلك ، وهل يسقط الدم والحال هذه؟ فيه تردد.
أقول : الإحرام من غير مكة لا يخلو إما أن يكون عامدا أو جاهلا أو ناسيا ، فإن كان عامدا لم يجزه ووجب عليه العود إلى مكة لإنشاء الإحرام ، فإن تعذر بطل حجه ، وأطلق الشيخ في المبسوط والخلاف الإجزاء مع تعذر الرجوع وعدم لزوم الدم ، والوجه البطلان مع التعمد وعدم إمكان الرجوع ، لأنه أحرم من غير الميقات عامدا فيكون باطلا.
وإن كان جاهلا أو ناسيا وجب العود مع المكنة ، ومع العدم (٢٣) يستأنف الإحرام ولو بعرفة.
وأما سقوط الدم فقد تردد فيه المصنف واستشكله العلامة في المختلف ،
__________________
(٢٣) في «ن» : العمد.