جاز له نقله إلى غيره ، لأنه لم يخرج عن ملكه ، وإن كان تالفا) (٤٧) ولم يصرح المالك للفقير بأنه زكاة ماله الغائب على تقدير كونه سالما ، بل دفعه زكاة ونوى ذلك في نفسه ، لم يكن له نقله إلى غيره ، لأنه تصرف فيه تصرفا مأذونا له ، فلا يتعقبه ضمان وليس له احتسابه من زكاة أخرى ، إذ لا عين له في يده ولا دين في ذمته. وهل له انتزاع العين مع بقائها والحال هذه؟ يحتمل ذلك مع اليمين ، لأنه أبصر بنيته ، ويحتمل العدم ، لأن الفقير قد ملكها بالقبض على انها زكاة فلا يزول ملكه بقول المالك : (اني قصدت الغائب إن كان سالما وقد بان تالفا) ، لأن الأصل بقاء الملك.
وإن كان قد صرح للفقير بأنها زكاة الغائب إن كان سالما ثمَّ تلفت عين المدفوع ، هل يجوز الاحتساب؟ فيه وجهان مبنيان على جواز التصرف قبل علم حال المال وعدمه ، فان منعناه من التصرف لجهالة حصول السبب الموجب للملك ـ وهو سلامة المال ـ جاز الاحتساب ، لكونه مضمونا عليه ، لتصرفه فيه تصرفا غير مشروع ، وإن أجزنا له التصرف لأصالة بقاء الملك لم يضمن ، لأنّ إذن الشارع لا يتعقبه ضمان ، ويحتمل جواز التصرف مع الضمان ، لأنه ملك المدفوع بالقبض ملكا مراعى بسلامة المال وعدمه والملك المتزلزل يجوز التصرف فيه ولا ينفي الضمان ، وهو أوجه.
قال رحمهالله : ولو لم ينو ربّ المال ونوى الساعي أو الإمام عند التسليم ، فان أخذها الساعي كرها أجزأ ، وإن أخذها طوعا ، قيل : لا يجزي ، والاجزاء أشبه.
أقول : إذا أخذت الزكاة كرها من المالك سقط اعتبار نيته ، ووجب
__________________
(٤٧) ما بين القوسين من «ي ١».