ونحوه شيخنا الشهيد في المسالك (١).
وأظهر من كلامه ثمّة كلامه في الروضة ، فاختار المصير إلى اعتباره بعد المناقشة في دليله ، معتذراً بعدم ظهور مخالف فيه ، وجعله وسيلة لاختياره (٢).
وهو ينادي بإجماعيّته ، فإنّ دأبه عدم جعل الشهرة بل ولا عدم ظهور الخلاف بمجرّده دليلاً وإن وجد له من الأخبار الغير الصحيحة شاهداً ، فحكمه بتحتم المصير إليه لأجله قرينةٌ واضحة على بلوغه حدّ الإجماع ودرجته.
وهو الحجّة فيه بعد الأصل المؤيّد بل المعتضد بظاهر الأمر بالمعاشرة بالمعروف ، الظاهر في اختصاص الأمر بالإنفاق بما يقتضيه العادة ، وليس من مقتضياته الوجوب إلاّ بعد التمكين ، كما هو المشاهد من أهلها ، فإنّهم ينكحون ويتزوّجون من دون إنفاق ، إلى الزفاف ، مع عدم اختلاف من الزوجات وأهلهنّ فيه مع الأزواج المستمرّين على ذلك ولا نفاق ، وربما يتّخذ ذلك من المسلمين إجماعاً ويجعل مثله وفاقاً ، بل وربما يلحق بالضرورة قطعاً. وقد جعل الأصحاب هذا من فروع التمكين ، ومع ثبوت حكمه فيه يثبت في غيره من الفروع جدّاً ؛ لعدم القائل بالفرق أصلاً ، فتأمّل جدّاً.
وممّا يؤيّد اعتباره أيضاً بل ولا يبعد جعله دليلاً ما روي عن النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم : أنّه تزوّج ودخل بعد سنين ولم ينفق (٣).
__________________
(١) المسالك ١ : ٥٨٥.
(٢) الروضة ٥ : ٤٦٧ ٤٦٨.
(٣) المغني لابن قدامة ٩ : ٢٨٣ ، مغني المحتاج ٣ : ٤٣٥ ، انظر سنن النسائي ٦ : ١٣١.