في موضع جر كأنك لفظت بكل فقلت ولا كلّ بيضاء ، قال أبو دواد : [متقارب]
(٥٠) أكلّ امرىء تحسبين إمرءا |
|
ونار توقّد باللّيل نارا |
فاستغنيت عن تثنيته بذكرك إيّاه في أول الكلام ولقلة التباسه على المخاطب وجاز كما جاز في قولك ما مثل عبد الله يقول ذاك ولا أخيه وان شئت قلت ولا مثل أخيه فكما جاز في جمع الخبر كذلك جاز في تفريقه وتفريقه أن تقول ما مثل عبد الله يقول ذاك ولا أخيه يكره ذاك وكذلك ما مثل أخيك ولا أبيك يقولان ذاك.
[باب ما تجريه على الموضع لا على الاسم الذي قبله]
وذلك قولك ليس زيد بجبان ولا بخيلا وما زيد بأخيك ولا صاحبك والوجه فيه الجرّ لانك تريد أن تشرك بين الخبرين وليس ينقض اجراؤه عليه المعنى فأن يكون آخره على أوله أولى ليكون حالهما في الباء سواء كحالهما في غير الباء مع قربه منه وقد حملهم قرب الجوار على أن جرّوا هذا حجر ضب خرب ونحوه فكيف ما يصحّ معناه ومما جاء من الشعر في الاجراء على الموضع قول عقيبة الأسدي : [وافر]
(١) معاوى إننا بشر فأسجح |
|
فلسنا بالجبال ولا الحديدا |
أديروها بني حرب عليكم |
|
ولا ترموا بها الغرض البعيدا |
لأن الباء دخلت على شيء لو لم تدخل عليه لم يخلّ بالمعنى ولم يحتج اليها ولكان نصبا
__________________
(٥١) استشهد به على جواز حمل المعطوف على موضع الباء وما عملت فيه لان معنى لسنا بالجبال ولسنا الجبال واحد وقد رد سيبويه رواية البيت بالنصب لان البيت من قصيدة مجرورة معروفة وبعده ما يدل على ذلك وهو قوله :
أكلتم أرضنا فجرزتموها |
|
فهل من قائم أو من حصيد |
وسيبويه غير متهم رحمهالله فيما نقله رواية عن العرب ، ويجوز أن يكون البيت من قصيدة منصوبة غير هذه المعروفة أو يكون الذي أنشده ردّه الى لغته فقبله منه سيبويه منصوبة فيكون الاحتجاج بلغة المنشد لا بقول الشاعر* أراد معاوية بن أبي سفيان شكا اليه جور العمال ومعنى أسجح سهل وارفق وخد أسجح أي طويل سهل وناقة سجح سهلة المر هذا.