رجل في مكان ولا شىء في زمان ، والدليل على أن لا رجل في موضع اسم مبتدإ وما من رجل في موضع اسم مبتدإ في لغة تميم قول العرب من أهل الحجاز لا رجل أفضل منك ، وأخبرنا يونس أن من العرب من يقول ما من رجل أفضل منك وهل من رجل خير منك كأنه قال ما رجل أفضل منك وهل رجل خير منك.
واعلم أنك لا تفصل بين لا وبين المنفى ، كما لا تفصل بين من وما تعمل فيه ، وذلك أنه لا يجوز أن تقول لا فيها رجل كما أنه لا يجوز لك أن تقول في الذي هو جوابه هل من فيها رجل ، ومع ذلك أنهم جعلوا لا وما بعدها بمنزلة خمسة عشر فقبح أن يفصلوا بينهما عندهم كما لا يجوز أن يفصلوا بين خمسة وعشر بشيء من الكلام لأنها مشبّهة بها.
[باب المنفى المضاف بلام الاضافة]
اعلم أنّ التنوين يقع من المنفى في هذا الموضع اذا قلت لا غلام لك كما يقع من المضاف الى اسم وذلك اذا قلت لا مثل زيد ، والدليل على ذلك قول العرب لا أبالك ولا غلامى لك ولا مسلمى لك ، وزعم الخليل أنّ النون انما ذهبت للاضافة ، ولذلك ألحقت الألف التي لا تكون إلا في الاضافة ، وانما كان ذلك من قبل أن العرب قد تقول لا أباك في معنى لا أبالك فعلموا أنهم لو لم يجيئوا باللام لكان التنوين ساقطا كسقوطه في لا مثل زيد فلما جاؤا بلام الاضافة تركوا الاسم على حاله قبل أن تجيء اللام اذا كان المعنى واحدا وصارت اللام بمنزلة الاسم الذي ثنّى به في النداء ولم يغيّروا الأول عن حاله قبل أن تجيء به ، وذلك قولك يا تيم تيم عدى ، وبمنزلة الهاء اذا لحقت طلحة في النداء لم يغيروا آخر طلحة عما كان عليه قبل أن تلحق وذلك قولهم : * كليني لهم يا أميمة ناصب (١) *
ومثل هذا الكلام ، قول الشاعر اذا اضطّرّ (وهو النابغة) : [بسيط]
(٢) * يا بؤس للجهل ضرارا لأقوام*
__________________
(١) استشهد به على اقحام الهاء توكيدا للترخيم والدلالة عليه ، وقد تقدم شرحه في ص ٣٦٨ رقم ٤٦٥.
(٥١٦) الشاهد فيه اقحام اللام بين المضاف والمضاف اليه في قوله يا بؤس للجهل توكيدا للاضافة على ما بينه في الباب ، ونصب ضرارا على الحال من الجهل ، والمعنى ما أبأس الجهل على صاحبه وأضره له.